عبدالناصر المودع

عبدالناصر المودع

لماذا تزدهر المشاريع الصغيرة وتضمحل المشاريع الكبيرة في اليمن؟

2024-01-28 الساعة 16:36

حين تكون سلطات الحكومة المركزية ليست من القوة بما يكفي لمنع الاختراق من الخارج، والتمرد عليها في الداخل، تزدهر المشاريع الصغيرة على حساب بقاء الدولة ووحدة أراضيها. ولسوء الحظ أن الدولة اليمنية، منذ ثورة سبتمبر في الشمال، ودولة ما بعد الوحدة في اليمن الواحد لم تحظ بحكومة مركزية قوية، لا استبدادية ولا مؤسساتية ديمقراطية. ولهذا فإن الدولة اليمنية في اليمن الشمالي سابقا والدولة الواحدة فيما بعد، سهل اختراقها من قبل الخارج، وظهرت حركات تمرد عديدة بدعم من الخارج. وحتى 2011، اقتصر التدخل الخارجي على انتهاكات محدودة لسيادة الدولة، عبر شراء ولاء الكثير من نخب الحكم، ودعم قوى متمردة من الخارج في بعض الأوقات، والتي اقتصر عملها على بعض المناطق، ولم تنجح في إنهاء الدولة أو تمزيقها. أما بعد ذلك التاريخ فقد اتسع التدخل الخارجي، وتزايد سلطان وقوة القوى المتمردة ذات المشاريع الصغيرة (انفصالية،جهوية،طائفية). وبعد فترة قصيرة فقدت الدولة كل مقوماتها كدولة طبيعية، فانهارت الحكومة المركزية، وفقدت الدولة سيادتها الفعلية. ويرجع السبب في ذلك إلى الإضعاف الممنهج للحكومة المركزية، والذي تم من قبل من تولوا مسؤولية الحكومة المركزية نفسها، والذين كان الكثير منهم إما أنه يحمل في داخلة مشروع صغير، كالرئيس الكارثة هادي، ومن ثم عمل هذا الفريق بشكل ممنهج على إضعاف الحكومة المركزية وتقوية المشاريع الصغيرة، والاستعانة بالخارج في ذلك المسعى. أو أنه كان متخاذل وسلبي ومشغول بالفساد والاستحواذ على تركة النظام السابق، كما كان حال حزب الإصلاح والمحسوبين عليه. وتم إضعاف الحكومة المركزية تحت عناوين جذابه، أهمها الفيدرالية والشراكة، فيما تم شيطنة الحكومة المركزية وتحميلها كل مظاهر التخلف الحضاري. ولأن المشاريع الصغيرة تحقق مصالح أشخاص وأقليات لم يكن لها أن تحصل على السلطة والثروة والجاه بدون هذه المشاريع؛ فقد كرس هؤلاء كل جهودهم من أجل إنجاح مشاريعهم. وقد ساعدهم على ذلك، دعم القوى الخارجية التي خططت ولا زالت تخطط لتفكيك الدولة اليمنية، بغرض الهيمنة على اليمن والاستحواذ عليه كليا أو جزئيا، واستخدامه ساحة لصراعاتها مع خصومها. في المقابل المشروع الكبير لليمن، والذي يخدم مصلحة جموع السكان، تضعضع ولم يعد له من ناصر أو معين، لسبب بسيط وهو غياب النخب المستفيدة منه، وعدم وجود الداعم الخارجي، المعارض أصلا لهذا المشروع. الخلاصة أن تفكيك اليمن وتدميرها ناتج عن ضعف الحكومة المركزية وإضعافها وشيطنتها، وصولا إلى تدميرها في نهاية الأمر. اما عودة الدولة اليمنية فيتطلب في البدايه إعادة الاعتبار لفكرة الحكومة المركزية القوية وتجريم المشاريع التدميرية مثل مشروع الانفصال والدولة الاتحادية. ولكون الطبقة السياسية الحالية، والعالم الخارجي الذي يدعمها، ليس من مصلحتهم إعادة بناء الدولة اليمنية فإن اليمن سيبقى ممزقا وخاضعا للسيطرة الاجنبية.