2020/10/04
  • عن الفرق بين شاهر عبد الحق وهائل سعيد أنعم رحمه الله
  • مات شاهر عبد الحق ولا يبقى إلا وجه الله ، منذ أن سمعت به ظل رغم شهرته مقترنا بالغموض والشائعات حتى رحل بالأمس ، يمثل الرجل قصة نجاح على المستوى الشخصي ، أمتلك المليارات والشركات والمؤسسات وصار رقما صعبا في عالم المال والأعمال في اليمن وخارجه ولكنه لا يمتلك حضورا في الذاكرة الجمعية لليمنيين ، يقول البعض من أبناء منطقته - الأعبوس تعز - وهم يترحمون عليه أن له جهودا خيرية لأبناء منطقته ، شخصيا لم أسمع يوما بنشاط خيري أو إنساني للرجل رغم المليارات التي يمتلكها كما لم أسمع يوما اي إشادة به من مواطن عادي أو شخص أعرفه . 

    يقول البعض في منشوراتهم وتعليقاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي عقب وفاة شاهر عبد الحق بالأمس أنه ليس على التاجر بناء المدارس والمستشفيات وشق الطرقات وغيرها من المشاريع الخدمية فهذه وظيفة الدولة وهذا صحيح ولكن حتى اذا افترضنا جدلا  وجود الدولة في اليمن وأنها تقدم كل المشاريع فإن هذا لا يعفي شاهر عبدالحق وأمثاله من حق المجتمع عليهم فمثله لا يكفي ان يقدم سلال غذائية لأبناء قريته أو يبني لهم مدرسة أو مستوصف بل يجب أن يكون عطاءه بحجم الوطن اليمني ككل . 

    وحتى في البلدان المتقدمة والتي تقوم الحكومات فيها بتقديم كل الخدمات ووسائل الرفاهية للمواطنين فإن لرجال الأعمال والمشاهير والاثرياء جهودا خيرية تتجاوز بلدهم إلى المحتاجين والمنكوبين في شتى بقاع الأرض. 

    وجود الدولة وخدماتها لا يعفي أصحاب الأموال من تقديم العطاء لمن يستحق من أبناء المجتمع إذ عليهم تبني مشاريع تساهم في تنمية المجتمع والنهوض بأفراده وتضميد جروحه كيف لا ونحن في بلد منكوب غابت فيه الدولة بخدماتها وتغولت فيه المليشيا بحروبها وكوارثها حتى صار الملايين  يقتربون من حافة مجاعة حقيقية وهذا ما يضاعف من المسؤولية الأخلاقية على أصحاب الأموال في هذا البلد . 
     
    أتدرون لماذا لهائل سعيد أنعم رحمه الله كل هذه المكانة والحب في وجدان اليمنيين رغم موته قبل عقود ؟!

    والإجابة باختصار بأن هائل سعيد أنعم رحمه الله لم يكن رجل أعمال بنى نفسه من دكان صغير حتى كون امبراطورية تجارية كبيرة فحسب ولكنه كان أيضا يمنيا فاعلا وانسانا كبيرا ، دعم الثوار وساند الأحرار في ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر ومدهم بالأموال وساهم بعذ ذلك في تنمية المجتمع بمشاريعه التجارية والصناعية والخيرية حيث تبنى مئات المشاريع الخيرية والجهود الإنسانية المتواصلة وفي شتى المجالات حيث تجاوزت عطاءات بيت هائل اليمن حتى وصلت بريطانيا وغيرها ، كما كان انسانا بسيطا لم تغيره الأموال ، عاش ومات وهو مواطن غاية في التواضع والبساطة والطيبة والقرب من الناس ولم يكتف بهذا النهج الذي سار عليه في حياته بل أرسى دعائم هذا النهج في أسرته الكبيرة في حياته وبعد موته ولذا ظل كل أفراد أسرته محط ثناء الناس وتقديرهم واحترامهم .  

    يقولون بأن راس المال جبان وأن التاجر يمشي جمب الحيط ويحسب لكل شي ألف حساب وهذا صحيح ولكن إذا نظرنا لأسرة هائل سعيد أنعم رحمه الله ستجدهم حاضرون بتجارتهم ومشاريعهم في اليمن رغم الحرب المتواصلة ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن والتي دفعت الكثير من رجال الأعمال لتصفية مشاريعهم وتجارتهم ومغادرة اليمن ولكن بيت هايل ظلوا يدفعون ثمن حبهم لوطنهم وظلت مصانعهم مفتوحة وشركاتهم تواصل نشاطها حتى لا يتشرد عشرات الآلاف من العمال الذين يعملون في مصانع وشركات بيت هايل إن توقفت هذه المصانع والشركات . 

    انظروا مثلا للأستاذ شوقي هائل رغم أنه لم يعد محافظا لتعز ولا تربطه بها وظيفة رسمية إلا أنه ما يزال يقدم لأبناء تعز الكثير من الجهود الإنسانية والخدمات الخيرية كهدية يقدمها لأهله واخوانه رغم أن كثيرون من أصحاب الأموال بتعز بخلوا وتقاعسوا عن تقديم أية جهود خيرية وإنسانية في هذا الظرف العصيب التي تمر بها اليمن عموما وتعز خصوصا. 

    وفاة شاهر عبد الحق فتحت ملف رجال الأعمال باليمن وأثارت التساؤلات عن دورهم الإنساني والخيري الغائب في المجتمع خاصة في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد ولا يعني هذا التعميم فبعضهم يقوم بجهود كبيرة ولكن  أغلبهم يعيش لنفسه وأولاده ولمجدهم الشخصي فقط ويتناسى أهله ووطنه وتلك قضية تستحق النقاش .

    تم طباعة هذه المقالة من موقع شبكة بويمن الإخبارية www.buyemen.com - رابط المقالة: http://boyemen.com art 6251.html