محمد دبوان المياحي

محمد دبوان المياحي

دعوة للتحالف بين الأدباء والجميلات

2020-12-11 الساعة 10:46

على الرجل أن يكتب الشعر، وعلى المرأة أن تغني، تصير القصيدة أغنية حين تعبر في حنجرة لينة، حين يفترُ المعنى من فم امرأة جميلة، ويصير الكلام شعرًا حين تهندسه خيالات الرجال العاشقين..سوف تستقيم الحياة إذا توقف الرجل عن الغناء وتوقفت المرأة عن كتابة الشعر..تبادلوا الأماكن واحترموا تخصصات بعضهم. 

يقول ابن رشد: تتفوق المرأة على الرجل في مجالات كثيرة، الموسيقى والغناء أحدها، وإن كثرة الفنانين من الرجال، لا يعني أنهم أكثر مهارة من النساء في العزف والغناء، تلك غلبة عددية تعود للتأريخ وليس تعبيرًا عن تفوق الموهبة. 

على كل شاعر إذًا أن يمتلك فتاة واحدة على الأقل تعيد قراءة أشعارة، تلتقط الكلمة من فمه وتسافر بها في الأرجاء، تختلط بها ثم تنسكب داخلها وتسكبها في أذان المستمعين، وعلى كل جميلة أن تحوز شاعرًا يُضاعف عمرها بقصيدة.

كم من أشعار مهدورة في هذا الكون، لإنها لم تُغنّ، وكم من جمال مهمل في الغرف المغلقة والقرى البعيدة، حيث لا شاعر يعصر خمرها ويوزع كؤوس المعنى على قلوب العطاشى.

ليس هناك أكثر لؤم من امرأة تحجب المعنى، عن الرجال العاطشين، أولئك النسوة هن حطب جهنم لو كنتم تعلمون. وليس هناك أكثر بلادة من رجال يهملون نثر المعنى على النساء أو استنطاق الوحي من قلوبهن..هؤلاء أيضًا هم الرجال الذين تُقطّع ألسنتهم يوم القيامة من خلاف. 

لطالما كانت المرأة باعثة لأعظم الانجازات في عالم الشعر والأدب ولطالما كان الأدب هو الوحي الذي صاغه الرجل بعد أن تنزلت به المرأة على قلبه، والمرأة هنا نبية موازية للرجل، هي الرسالة وهو الرسول. 

لقد منحت السماء رسالتها للرجال؛ لكن الأرض سخّرت أنبياءها الشعراء لصياغة وحي المرأة..وتلك قسمة عادلة، فليس على المرأة أن تحزن لأن السماء لم تبعث الرسالات بواسطتها، لقد أودعت الرسالة داخلها، فهي الرسالة والنبع، والمعنى قبل أن تصاغ في كلمات، الوحي يرقد في روحها ولا ينقصها سوى نبي يلتقطه ثم يبلغه للناس. 

إن كان هناك من عتب فهو على الشعراء الكسالى والنساء اللئيمات، شعراء لا يجتهدون للسفر في مغارات المرأة ونساء يحجبن أنفسهن خوفًا من الفتنة، ومعه يذبل العمر وتُهدر النبواءات في كوكب يزداد كل يوم قحطًا من المعنى وتلهث فيه القلوب عطشًا لوحي جديد وإناث ملهمات.