نبيل البكيري

نبيل البكيري

لمحة عن كتاب “قضايا يمنية” للأستاذ عبدالله البردوني

2020-05-18 الساعة 02:19

عرف الناس شاعر اليمن الكبير ورائيها عبدالله البردوني كشاعر عظيم لكن العديد منهم ربما لم يعرفوا البردوني كأديب وكاتب وفيلسوف لا يدانيه أحد في سردياته الأدبية. ففي كتابه قضايا يمنية والذي كان عبارة عن مجموعة مقالات كتبت على فترات متباعدة في عدد من الصحف والمجلات اليمنية والعربية خلال السبعينيات، تتجلى شخصية البردوني المثقف والسياسي وتعقلياته على مختلف القضايا الوطنية حينها.

في كتابه هذا يذكر البردوني أن هذه المقالات التي جمعت وصدرت في كتاب هذا لم تكن غريبة عن سُنة سنها من قبله السابقون كطه حسين في “حديث الأربعاء” الذي سار هو الآخر على منوال سنه بييف في كتابه “حديث الاثنين”، وكلاهما كانا يكتبان مقالاتهما وتنشر مقالات طه حسين كل أربعاء فيما بييف كانت تنشر مقالاته كل اثنين.

وعلى هذا المنوال كان البردوني مترددا في تسميت كتابه هذا بحديث الأربعاء لأن جل حلقات هذا الكتاب كانت تذاع كل أربعاء في إذاعة صنعاء، وبعضها مقالات في مجلات الحكمة واليمن الجديد والحارس.

لكن البردوني غلب روح وخصوصية تناولاته لأن جلها مركزة في الشأن اليمني الثقافي والسياسي والشعبي والأدبي، في الفترة الممتدة من منتصف ١٩٦٣ وحتى نهاية عام ١٩٧٧م، فجمعها كلها تحت عنوان قضايا يمنية، لتطوافه الكبير في كل مناحي المشهد اليمني التاريخي والشعبي والأدبي والفكري والثقافي والسياسي. بمعنى آخر، يعتبر هذا الكتاب بمثابة صورة بانورامية للمشهد اليمني وتعقيداته وقضاياه على امتداد فترة ما بعد ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٩٢ حتى آخر أيام رئاسة الحمدي تقريبا.

تناول البردوني في أبحاثه ومقالاته وأحاديثه هذه، قضايا عدة، من الحركات الوطنية ما لها وما عليها، وبين الثورة والمشاكل الثورية مرورا على حكماء اليمن المغمورين والإدراك المأساوي في الشعر اليمني، والتراث بين الأصالة والمعاصرة، مرورا بالحلقات المفقودة في التاريخ اليمني، ورسالة لسبتمبر واختيارات الثورة الأصعب، وصولا لخاتمة عن قبيلة للشعب اليمني.

الكتاب دوحة أدبية وثقافية واسعة تطوف بينها دون وحدة موضوعية كطبيعة المقالات التي تكتب في كل مناسبة تمر على الكاتب أو حدث أو قضية يناقشها، ولكن الوحدة الوحيدة في الكتاب هي ذلك النفس الأدبي الثوري وتدفق تعبيرات البردوني البلاغية التي تضفي للنص ديناميكية دائمة لا تتوقف بتوقف الحدث أو انتهاء القضية، فالسردية الأدبية التي كتب بها الكتاب أحالت نصوصه إلى أشبه بنصوص مسندية منقوشة ببلاغة النص وخلوده الذي لا يبلى، ولا يخيب أمل القارئ في الخروج من فائدة كبيرة فيما يقرأ.

والكتاب قبل هذا وذاك، هو وثيقة أدبية سياسية شاهدة على مرحلة من تاريخ اليمن المعاصر، وتحولاتها وقضاياها التي نوقشت فيها كمرصد سيسوثقافي لتلك المرحلة وما دار فيها من نقاش وجدل كان البردوني أحد أهم كاتبها وأعلامها الكبار، الذي دوّن نصوصه تلك شهادة على تلك اللحظة وما قبلها ما بعدها.

.

svg+xml;base64,PHN2ZyB4bWxucz0iaHR0cDovL3d3dy53My5vcmcvMjAwMC9zdmciIHdpZHRoPSI3NjgiIGhlaWdodD0iNDcwIiB2aWV3Qm94PSIwIDAgNzY4IDQ3MCI+PHJlY3Qgd2lkdGg9IjEwMCUiIGhlaWdodD0iMTAwJSIgZmlsbD0iI2NmZDRkYiIvPjwvc3ZnPg==

كتاب “قضايا يمنية” للأستاذ عبدالله البردوني