د.عادل الشجاع

د.عادل الشجاع

المؤتمر حزب وليس عقارا يتقاسمه الورثة

2020-04-08 الساعة 21:24

سيكون هذا المقال آخر كتاباتي عن الخلل الذي يعتري قيادات المؤتمر . تلقيت العديد من الرسائل والاتصالات من أصدقاء في اللجنة العامة وبعض أعضاء مجلس النواب ومؤتمريين حريصين على المؤتمر وعلى وحدة نسيجه التنظيمي يطلبون مني إيقاف أي نقد يمس الاختلالات التي يواجهها المؤتمر . وأنا أشكر لهم حرصهم على المؤتمر وأثمن لهم ذلك حتى لو كان هذا الحرص على قاعدة المثلث المقلوب ، حيث يحرصوا على توقيف القول وترك الفعل .

وبما أنه آخر القول ، فلابد من توضيح أسباب اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي دون مناقشة ذلك في الاجتماعات الرسمية . لمن لا يعرف كان آخر اجتماع في ٣ فبراير ٢٠١٩ ، أي قبل أكثر من سنة . هذا الاجتماع تم إفشاله من قبل أولئك الذين لا يريدون المصالحة داخل المؤتمر وخارجه . افتعلت مشكلة شخصية ثانوية أنتهت بصلح على الطريقة القبلية.

كان هذا الاجتماع للسماع إلى تقرير من اللجنة التي تم تكليفها بتمثيل المؤتمر في الخارج . قال الدكتور أبو بكر القربي أن اللجنة توقفت ولا داعي لتوضيح أسباب التوقف ، لأن ذلك سيثير مشاكل لا داعي لها كما قال . كان الخلاف حينها بين طرفين وقع الجميع بين رحى مشاكلهما وهما السفير أحمد علي وسلطان البركاني . كان يمكن احتواء هذا الخلاف لو أن هناك نوايا صادقة لاحتوائه ، وخاصة إذا تحركت اللجنة العامة بكامل قوامها . لكن نافخي النار أغلقوا أي مساعي للحل وظلوا هم الذين يتنقلون بين الطرفين . غيبت اللجنة العامة بكل قدراتها.

دار النقاش حول المصالحة داخل المؤتمر وخارجه ، وكانت الآراء تجمع على أن المصالحة هي الخيار الحتمي . كانت مهمة اللجنة توحيد المؤتمر بجميع قياداته سواء الموجودة في الرياض أو صنعاء . كان الحوثي يرقب تحركات القيادة الموجودة في الخارج ، فسارع إلى إقناع قيادات صنعاء بعقد لقاء اللجنة الدائمة . طرحنا على الأخوة في اللجنة المكلفة أن يسحبوا القرار السياسي من قيادات الداخل لأنه لو بقى القرار بأيديهم وهم تحت سيطرة الحوثي سنسلم المؤتمر للحوثي يتحكم به وبقراره ويوجهه كيفما شاء . كانت قيادات الداخل منتظرة أي تحرك من قيادات الخارج يرفع عنها الحرج ، لكن مشرفين الحوثي الذين خرجوا في وقت متأخر وانظموا للقيادة كانوا الأقدر على تعطيل قيادة الخارج . بالمناسبة هؤلاء منذ خرجوا من صنعاء لم يصرحوا بأي تصريح ضد الحوثي .

كان الحوثي يعد العدة لانعقاد اللجنة الدائمة وقلنا إن إنعقادها سيمكن الحوثي من إحكام قبضته على المؤتمر . ومهما كانت قيادات صنعاء قادرة على عقد الاجتماع ، إلا أنها لن تستطيع التحكم بنتائجها . إضافة إلى ذلك فإن إجتماع اللجنة الدائمة في صنعاء سيشجع على عقد اللجنة الدائمة في عدن . وسيظهر المؤتمر وكأنه حزبا إنفصاليا وهو الحزب الذي قام على أساس وحدوي .

والأهم من هذا كله طرحنا ثلاثة خيارات لابد من الأخذ بها حتى تصبح سياسة المؤتمر واضحة وتستطيع القواعد الارتكاز عليها . هذه الخيارات ، هي:
١. هل نحن مع إستمرار التحالف مع الحوثي ولماذا ؟
٢. هل نحن مع الشرعية والتحالف العربي ولماذا ؟
٣. هل نحن لا مع الحوثي ولا مع الشرعية ولماذا ؟
وقلنا إن إستمرار التحالف مع الحوثي له مخاطر كثيرة ، أهمها تدمير البنية الفكرية للمؤسسة العسكرية التي يقاتل بها الحوثي تحت مزاعم مواجهة العدوان .

اتفقنا على حضور جلسة مجلس النواب في سيئون وقلنا لابد من التأكيد على الانعقاد الدائم للمجلس والشراكة المتوازنة داخل الشرعية بما لا يفقدنا حضورنا السياسي . طبعا الذين لا يريدون للمؤتمر أن يستمر كحزب ويريدونه مجرد عقار يورث ويوزع على الورثة اختلقوا مشكلة جانبية وانفض الاجتماع الذي توقفت بعده الاجتماعات إلى يومنا هذا . صحيح هناك اجتماعات تتم بيت الأمين العام المساعد سلطان البركاني ، لكنها اجتماعات سرية ومغلقة على بعض الأشخاص لا ندري ما الذي يدور فيها . وبالمقابل هناك رحلات مكوكية إلى أبو ظبي مقتصرة على بضعة أفراد يلتقون بأحمد علي لا ندري ما الذي يدور فيها أيضا .

أقول بكل وضوح كل طرف من هؤلاء انشغل بشراء الولاءات الشخصية واعتبروا المؤتمر حزب للاستثمار الشخصي وليس حزبا سياسيا يحتاج إلى مشروع سياسي يتناسب مع المرحلة ويهيء للمستقبل .
أقترحنا عليهم أن يكونوا هم القيادة ، فقط يشكلوا لجان متخصصة في السياسة والإعلام والعلاقات الخارجية والتنظيمية والمالية ومنظمات المجتمع المدني ، وأن يستوعبوا كل القدرات والعمل على ترتيب أوضاع المؤتمريين في الخارج والداخل .

واليوم وبعد أكثر من عام على آخر اجتماع مالذي أنتجه أصحاب الإبقاء على الشراكة مع الحوثي سوى بقاءهم في سلطة وهمية على حساب قواعد المؤتمر التي يمارس الحوثي ضدها أسوأ أصناف القهر والعذاب في الوظيفة العامة وفي التربية والتعليم وفي المجتمع ويمارس التمييز ضدهم ويحرمهم من المرتبات في الوقت الذي يصرف مرتبات لأتباعه . الاعتقالات تطال مدراء ومديرات المدارس ويتم تغيير أسماء المدارس ، فماذا فعل أصحاب إبقاء الشراكة مع الحوثي . كرامة القواعد لا تقاس ولا تستبدل بكنوز الأرض .

وبالمثل مالذي أنتجه أولئك الذين سلموا آخر ورقة كانت باقية للمؤتمر وهي البرلمان بثمن زعامتهم وأخرجوا المؤتمر وبشكل نهائي من المبادرة الخليجية ؟ على الأقل كان المفروض أن يحيدوا عذابات القواعد عن الطبق السياسي في وجبة السلطة الشخصية . أليس خيار المصالحة مع القوى الجمهورية بدلا من المصالحة مع عصابة عنصرية شنت عدوانا على اليمن واليمنيين وتسببت بكل الكوارث التي حلت باليمن هو الخيار الأفضل ؟

كما قلت هذا آخر مقال أوضح فيه سبب نقدي للاختلالات التي أعترت المؤتمر وسبب مطالبتي بتوضيح موقفنا من البيانات التي تخرج من تحت سلطة الحوثي وسبب بيع المؤتمر مقابل مناصب تخصم من رصيد أصحابها أكثر مما تضيف لهم . من يريد أن يكون قائدا للحزب فليلجأ إلى مؤسسات الحزب وليس إلى فتح مكاتب . المكاتب تصلح للعمل التجاري وليس للعمل الحزبي . من يريد أن يعمل مع أشخاص فذلك شأنه . ومن يريد أن يعمل مع الحزب فذلك شأنه أيضا .