فتحي بن لزرق

فتحي بن لزرق

ما خلف خطاب هادي..!

2018-10-14 الساعة 02:09


تابعت كغيري خطاب الرئيس هادي مساء اليوم السبت عشية الذكرى الـ 55 لذكرى ثورة 14 اكتوبر.
-كما توقعت اختار "هادي" المواجهة فلم يعد بيده شيء ما يخسره ، ادرك الرجل جليا ان حكومته الشرعية وحضورها في عدن كانت قد سقطت فعليا حينما منع الرجل من العودة الى عدن قبل عامين وتم تدمير كل القوات الموالية له في 28 يناير الماضي وماتبقى من حضور هش واعرج لايمثل له أي قيمة سياسية أو معنوية بالمطلق .
- واجه الرجل مؤخرا الكثير من التحديات هنا وهناك فالاقتصاد انهار والعملة تراجعت وحكومته لم تعد قادرة على دفع رواتب الموظفين وحاول جاهدا الاستعانة بالسعودية دون جدوى وبات البحث عن طرف اخر يتحمل المسئولية خلافا له امر جدير بالبحث والاهتمام.
-بعد ٣ سنوات من فشل الحكومة في الكثير من الملفات ومع اقتراب لحظة سقوطها الحتمية بسبب انهيار الاقتصاد وتردي العملة انبرى طرف سياسي اسمه المجلس الانتقالي ليتحمل مهام فشل طرف اخر وهي الفرصة التي اقتنصها هادي واصر بتحديه للانتقالي الا يفوتها.
-وضع الرئيس هادي بخطابه هذا المجلس الانتقالي وداعميه في موقف صعب للغاية فالتراجع عن الوعود التي قطعت باسقاط الحكومة الشرعية في عدن سيعني الفشل التام للمجلس وضربه في الصميم شعبيا والتوجه صوب اسقاط ماتبقى من مظاهر الشرعية يعني تحمل الانتقالي مسئولية الناس وانتقال ملفات صعبة وشائكة من على عاتق الشرعية الى عاتق الانتقالي والامارات وهي مسئولية صعبة جدا فمحطات الكهرباء وحدها تستنزف ملايين الدولارات في الشهر الواحد.
- لم تكن تهدف الامارات ومن خلفها المجلس الانتقالي من هذه التحركات اسقاط الحكومة الشرعية لكن كان الهدف انتزاع حقائب وزارية ومناصب تضمن بقاء المصالح الاماراتية في جنوب اليمن وتسجيل نفوذ داخل حكومة هادي لكن هادي بدأ على غير العادة يرفض المهادنة ويتجه صوب حسم مسرح الصراع اما له أو عليه واما له فليس بقوته العسكرية لانه الاضعف ولكن بطرق فرض الاستجابة له باعتباره الممثل الشرعي دوليا عن الحكومة المعترف بها حتى اللحظة .
- رمى هادي بيضه كله في سلة السعودية وذهب الى الاصرار على مواقفه السياسية في مواجهة الانتقالي الامر الذي يؤكد ان العلاقة بين الامارات وهادي وصلت الى نهايتها وماسيحدث هو ان تذهب الامارات الى اسقاط هادي في عدن وتتسبب بحرج دولي بالغ لحليفتها السعودية ولمشروعية التدخل الخليجي في اليمن أو ان تذهب الى فرملة الانتقالي والاكتفاء بتعطيل عمل الحكومة الشرعية بعدن والتضحية بالحضور الشعبي للإنتقالي خلال الفترة القادمة .
- تعلم هادي من تجربته السابقة في صنعاء حينما قدم التنازلات الواحدة تلو الاخرى للحوثيين وهي التنازلات التي اوصلته الى ان يتم طرده من صنعاء واسقاط حكمه من هناك لذلك اختار الرفض في عدن هذه المرة وهو يدرك حجم المصاعب التي ستواجه البديل له في عدن.
- بمختصر بسيط ستغسل الحكومة الشرعية يديها من فشل كبير كانت سببا فيه أو تعثرت به خلال السنوات الماضية وسيتحول الانتقالي في حال سيطرته هو المسئول الاول عن مطالب ضخمة في عموم المحافظات فالناس حينما سيسيطر الانتقالي تريد كهرباء ومياه ووقود ورواتب في حين ستقف الحكومة الشرعية متفرجة وستكتفي بما ستمنحه السعودية لمسؤوليها لادارة حياتهم الشخصية وستقول للناس لاصلة لنا بما يحدث.
- ادرك هادي جيدا ان كل الخيارات امام الانتقالي وحلفائه (مرة) فاسقاط الشرعية يعني تحمل كافة المسئوليات في مناطق جنوب اليمن وهي مسئوليات يقابلها اقتصاد منهار وعملة متدهور ورواتب لمئات الالاف من الناس ، لذا بدأ الامر وكأن هادي يريد دفع الانتقالي صوب السيطرة على هذه المناطق لكي تسقط عن كاهل الشرعية كل مسئولياتها.
- ادرك هادي انه وفي حال ما اسقط الانتقالي الحكومة الشرعية فانه سيدخل تلقائيا في صراع مع الاطراف الجنوبية الاخرى التي ستنافسه الحضور ومحاولة بسط النفوذ لذا ادرك جليا ان الامر لن ينتهي باي استقرار حتى بسقوط الشرعية نفسها.
- ادرك هادي ان التحرك الاخير للأنتقالي جاء في الوقت الضائع فكل الخيارات الممكنة لانقاذ الاقتصاد جنوبا ضئيلة فتصدير الغاز غير ممكن لانه يأتي من مأرب والبدء بعمليات بيع النفط في حضرموت وشبوة ستقابلها عراقيل حضرمية واخرى شبوانية وطبع العملة غير ممكن فالرجل استنفذ كل عمليات الطبع الممكنة والمسموح بها لذا فان الامر بالنسبة للأنتقالي يشبه لص يجاهد لاجل كسر خزينة فارغة تركها صاحبها مغلقة عمدا.
- يرى "هادي" وادارته انه لم يعد لديهم مايخسرونه في عدن لذا ذهب الرجل الى تحدي الانتقالي لبسط سيطرته على مناطق الجنوب وهو يدرك جليا ان الامر تحدا بالغ وصعب ولن يتمكن الانتقالي من الايفاء بمطالب الناس في هذه المناطق لذلك ذهب "هادي" الى التحدي وطلب المواجهة.
- المجلس الانتقالي امام خيارات صعبة وصعبة للغاية فالتقدم والسيطرة لها تبعات كبيرة والنكوص له تبعات كبيرة ايضا..

#فتحي_بن_لزرق
13 اكتوبر 2018