فتحي بن لزرق

فتحي بن لزرق

لاقبيلة الشمال ولا مدنية الجنوب..!

2018-07-05 الساعة 06:03

في العاصمة المصرية كنا نجلس بمقهى بشارع جامعة الدول العربية مجموعة من اليمنيين يومها التقيت برجل مسن من صنعاء تبدو عليه أثار النعمة والوقار .

سلم علينا وجلسنا نتحدث عن واقع اليمن وأخباره.

سألته كيف كانت رحلته إلى مصر؟

قال الرجل مخاطبا إياي :" والله يافتحي أنها كانت أسوأ رحلة بحياتي كلها ، تعرضنا لإذلال لايقبل به الله ولا رسوله، أوقفنا لساعات وفتشوا النساء والأطفال ، ظننت لوهلة إنني في بلد ليس اليمن ومكان لاتحكمه أي "قيم" أو أخلاق .

صمت قليلا وأضاف :" بالله هذه دولتكم التي كتبتم عنها كثيرا، يا ابني في الطريق إلى عدن لم نجد لا نخوة القبيلي اليمني ولا مدنية الجنوب ودولته وقانونه السابق.

شعرت بالخزي يومها والعار والمهانة لم أجد أي حجة أقدمها لهذا الرجل العجوز.

نسيت أو تناسيت كثيرا ما يحدث على طول الواصلة إلى عدن من ممارسات تقشعر لها الأبدان ضد مسافرين مدنيين واسر نازحة .

وظل الأمر بقلبي حتى شاهدت الصور الأخيرة لأسر نازحة وهي تفترش العراء بعد منعها من الوصول إلى "عدن".

 كثيرا كثيرا مافاخرت إنني جنوبي في نقاشات كثيرة مع اخوة شماليين ، سألوني قبل سنوات عن شكل الجنوب الذي نريده ، قلنا لهم انه مدني ونظامي وقانوني وذو عدالة وحرية  .. تحدثنا كثيرا كثير عن الكرامة وبعد سنوات افقنا على واقعا اسود.

في مصر أيضا ذات يوم التقيت بشفيع العبد وهو إيقونة من إيقونات الحراك الجنوبي الجميل ، ذاك الحراك الذي استبدلوه اليوم بأخر.

قلت لشفيع إنني اشعر بالخجل لأنني ذات يوم هاجمته واتهمته بأنه خان مبادئ الحراك الجنوبي ، كان الرجل أول من استشعر خطورة هذا الخطاب الغوغائي المجنون ففر "شاردا" .

كثيرون في الجنوب أدركوا هذا الجنون وهذا العبث وباتوا يراجعون أنفسهم ويغيرون قناعتهم.

يكفي ان تدرك حالة السوء جنوبا حينما تعلم ان مجموعة من العمال الشماليين غادروا نهاية رمضان صوب محافظاتهم وحينما قرروا العودة إلى عدن تذكروا مسلسل الاهانة الكبير في الطريق إلى المدينة.

التمعت الفكرة برأس احدهم وقال لهم :" ماذا لو تنكرنا بزي نسوة ،سنمر بكل يسر وسهولة .

نفذ المساكين الفكرة لكنهم وقعوا بالفخ ، انزلوا من على متن السيارة وسيق في "الأخبار" ان عصابة إرهابية كانت في طريقها إلى عدن.

ان يذهب إنسان ما إلى التفكير بلبس لباس امرأة فهذا دليل على ان الواقع اسوأ مما يمكن "تصوره".

يراقب "العالم" بإندهاش بالغ مايحدث في عدن ومحيطها ، تلك عدن التي علمت العالم اجمع مبادئ كثيرة وجميلة ابرزها العدالة والقبول بالاخر والتعايش.

باتت هذه المدينة اشبه بقرية " قروية" يسودها الجهل والغباء ..

اللهم اننا نبرأ اليك من مظلمة كل عامل ومن اهانة كل اسرة نازحة ..

صبرا وبالله المستعان

#فتحي_بن_لزرق
4يوليو2018