عبدالوهاب طواف

عبدالوهاب طواف

ماهي الهاشمية السياسية؟

2018-06-26 الساعة 16:18

يُثار جدل كبير حول الهاشمية السياسية، ومن هم المعنيين بها؛ وإليكم توضيح لما أراه وأعتقده وأقصده؛ على الأقل من وجهة نظري الخاصة..

الهاشمية السياسية؛ هي أفكار ومفاهيم ومعتقدات وخرافات وأساطير صيغت من قِبل أُناس فقدوا السلطة قبل أكثر من 1400 عام؛ وتطورت المسألة وتعمقت وتعقدت وترسخت وتفرعت وتطرّفت خلال سنوات طويلة بفعل الحروب ودورات العنف والإضطهاد الذي تعرضوا له وتسببوا به. 

معتقدات هدفها السيطرة على السلطة والثروة والمكانة الأجتماعية في المجتمع، وقد غُلفت بنصوص وأحاديث وقصص دينية أٌخرجت عن سياقها الأصلي ليتم تطويعها لصالح مشاريعهم السياسية وحاجاتهم الدنيوية  كخرافة الولاية للإمام علي رضي الله عنه.

لا نقصد بدعاة وأدوات الهاشمية السياسية أخواننا اليمنيون من ذوي الأصول القُرشية الهاشمية أو ممن يدعي ذلك النسب وما أكثرهم في اليمن؛ بل نعني به أي شخص يؤمن بتلك الأفكار الإبليسية؛ ومن يعتقد بولاية لشخص أو إصطفاء لفرد أو لجماعة أو لعشيرة أو لأُسرة على سائر خلق الله. وهو من يعتقد بنقاء نسبه أو علو شأنه، وهو من يستدعي نسب له متنكراً أو متعالياً على الهوية العربية اليمانية، وهو من يمجد أفعال وجرائم الأئمة في اليمن ويدافع عنها ابتداءً بجرائم المجرم يحيى الرسي وإنتهاءاً بالمجرم الحوثي، ونعني به كذلك من يعتقد بحصر الرئاسة والمُلك في فئة من الناس، وهو من يناصر ويقاتل مع حملة مشروع الإمامة؛ ولنصرة مشروع إيران في اليمن. هؤلاء سنجدهم منتمين إلى كل شرائح المجتمع وخصوصاً القبائل. كثيرٌ من عُصيّ وأدوات وقفازات الأئِمة هم من القبائل واليساريين ومن كل شرائح ومناطق اليمن؛ في حين أننا نجد شرفاء وأبطال - ينتمون لأُسر من ذوي الأصول القُرشية الهاشمية - حاربوا ومازالوا معتقدات وخزعبلات الهاشمية السياسية.

اليوم نحن في أمسّ الحاجة لمواجهة مشروع الهاشمية السياسية المميت بوسائل شرعية ومشروعة ودستورية وقانونية، ولدينا من الحُجج والأسباب والمبررات الأخلاقية والمشروعة والقانونية مايغنينا عن تبني خطاب عنصري مضاد؛ وبالتالي الإنزلاق إلى مستنقعات سبخة مليئة بالأمراض والتشوهات والتقيحات المُزمنة.

 علينا مسئولية مواجهة وإجتثاث مشاريع وأفكار ومعتقدات الهاشمية السياسية لا شخوصها؛ عبر تعليم وتثقيف وتصحيح معتقدات المجتمع؛ وتوضيح ماعلِق في ذاكرتنا الجمعية خلال قرون من الأزمان لنرسخ بديلاً عن تلك الأفكار الهدامة قيّم المساواة والمواطنة. 
مهمتنا اليوم تتمحور في قراءة الماضي لنفهم الحاضر لنحمي المستقبل، ووأد فتنة اليوم لنؤسس لمرحلة جديدة منزوعة الفتائل والصواعق.

لنحارب مشاريع الفساد والإفساد والأستبداد والنصب بالدين لصالح الدنيا، ونقف ضد تسخير المذهب لإقتناء الذهب. 
لا أؤمن بالدم والحروب والظلم ومصادرة الحقوق والممتلكات؛ أؤمن بالشرع والدستور والقانون والنظام والأعراف والأخلاق وإعلا شأن وقيمة الإنسان كإنسان؛ بغضّ النظر عن دينة ومذهبه وشكله وأصله.
لابد من إستهداف النظريات الفكرية التي ينطلق  منها دعاة الهاشمية السياسية لإستعباد المجتمع اليمني المسالم وتسميم علاقاته مع محيطه الجغرافي؛ ولنعمل على إجتثاث الأفكار والمعتقدات والمفاهيم والممارسات الضالة المضلة وليس الاشخاص. ولنعُمِل نصوص الشرع والدستور والنظام والقانون على الأشخاص المتورطين في إدماء المجتمع اليمني وتدمير مقدراته.

مهمتنا تجفيف منابع الإرهاب عبر قصف نصوصه الفكرية الهدامة ومعتقداته الشيطانية وتجريمه  ومحاصرته بقوانين ونصوص صارمة تضمن عدم تكرار دورات العنف بين فترة وأخرى.

على أخواننا اليمنيون من الأُسر ذوي الأصول القرشية الهاشمية أن يراعوا ويعذروا تيار المتشددين عليهم؛ فما حدث من الأئمة الهاشميين ضد اليمن خلال ألف عام من مذابح ودمار ليس بالهين والقليل؛ وما حدث من حروب حوثية عبثية ضد المجتمع اليمني منذ 2004 وحتى اليوم نشَّط ذاكرة اليمنيين بجرائم الأئمة السابقين؛ والأبشع والمزري والمؤسف في الأمر ماحدث بعد سبتمبر 2014م بالتحول الكبير والهجرة العظيمة لكثير من تلك الأُسر الهاشمية من شاطئ الدولة والمجتمع المسالم إلى شاطئ عصابات الموت ومليشيات الحوثي الإيرانية؛ وخصوصاً الشخصيات التي كانت متربعة على قمة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والدبلوماسية؛ وكانت تحظى بإحترام وتقدير  شريحة كبيرة من الشعب اليمني؛ كأمثال اللواء يحيى الشامي واللواء علي الكحلاني والقاضي أحمد عقبات والسفير عبدالالة حجر وإل الشامي وآل شرف الدين والمؤيد والمتوكل وغيرهم. ولا نقف عند من لا رصيد أخلاقي لهم كحمود عباد - ومن تلك العينات كُثر- أو من لا قيمة لهم أو وزن سياسي كحسن زيد وأمثاله كُثر.

 أنذهل الشعب اليمني من التحول السريع والمفاجئ لكثير من تلك الأُسر ومن مختلف المؤسسات والأحزاب وقفزهم السريع والرشيق إلى مدرعة الحوثي ولحاقهم بتلك العصابة وإشتراكهم بقتل الناس ونهب حاجاتهم وتدمير أحلامهم، والأمرّ والأنكى أن الأغلبية من تلك الأسر لزموا الصمت تجاه ممارسات وحروب وإنقلاب الحوثي على الشعب اليمني ودستوره وقوانينه ومؤسساته ورئيسه وحكومته؛ مما فُسر على أنه تأييد مُطلق مِنهم لمليشيات الحوثي الإيرانية؛ ورسخ قناعة لدى الجميع أن الحرب اليوم هي حرب هاشمية ضد الشعب اليمني وهذا مالا نقره.

حالة من عدم الثقة تلبست المجتمع اليمني وأستوطنته تجاه تلك الأُسر من أهلنا من ذوي الأصول القُرشية الهاشمية، وصار الشك والريبة ويمكن الحقد عنواناً بارزاً لمرحلة حالية وقادمة، ويحتاج الأمر لجهود مضنية لتبديد تلك الظُلمة الظلماء التي تسبب بها الحوثي ومعتقدات الهاشمية السياسية؛ ويقع على عقال تلك الأٌسر الشطر الأكبر من هذه الجهود؛ فالجراح التي مازالت تنزف والدمار الذي تسبب به الحوثي والذي طرق كل منزل باليمن ووصل أذاه إلى كل مغترب خارج اليمن؛ ستتحول إلى حمم حارقة وجارفة ستحرق ماتبقى بعد رحيل ميليشيات الحوثي مالم يتداركوا  الوضع.

لدينا في اليمن تاريخ مُثقل بالدماء والمعاناة والدمار والخراب طيلة اكثر من ألف عام من الزمان بفعل جنون الهاشمية السياسية؛ وآن الأوان لنعيش بسلام بمعزل عن مغامراتهم وجنونهم و معتقداتهم العجيبة.!