سام الغباري

سام الغباري

من الغباري إلى الغفوري .. لماذا نكرههم ؟

2018-05-21 الساعة 04:15

 

 

قررت ألا أكتب عن الهاشمية حتى ألتقط كل شيء في كتاب اقتربت فصوله على الإكتمال ، لكنه مروان الغفوري ، يجعلني متحمسًا لخوض دفاع عن برنامج الفنان المذهل محمد الأضرعي ، كما فعلنا في السنة الماضية ، يوم شحذ "مروان" أنيابه فأغوى الناس دون أن يدري .

قبل شهر هاجمني "الغفوري" من ألمانيا ، ساخطًا من كتاب ألفته يدون جرائم الهمجية الهاشمية ، تحدث كنازي ، مصوبًا مدافعه نحوي ، وقد عذرته وتنازلت عن الرد حتى لا أغضب على نفسي ، لكنه اليوم يُحرّك ماكينته الألمانية صارخًا في وجه فنان يقول الحقيقة التي نعلمها ونعرفها ، يريد أن يسحقه حتى لا يتابعه الناس وينصرفوا إلى خُدع نظرائه من الفنانين المريبين .

لقد كتب محمد الأضرعي شجونه في سيناريو جديد وجريء يناقش عقدة الهاشمية في تصرفاتها المسلحة مع اليمنيين ، فلم يرق ذلك لـ "مروان" ، أراد أن يسري مع ظنون توكل كرمان وأحمد الشلفي الذين يرون الحوثي مشكلة جغرافية تنحصر خطورتها مع أول منحدر لجبل سمارة جنوبًا ، وفي تلك الجغرافيا ظهر صالح وعلي محسن وحميد الأحمر واليدومي والآنسي والزنداني أيضًا ، ولأنهم منها ، وزّع الجريمة عليهم جميعًا ، فتحول الحوثي إلى ضحية قياسًا بمدى تشابك أسماء من واجهوه في نظام امتد طويلًا حتى اسقطه انحسار الوعي ، وغياب المشروع الثقافي والتعليمي عن مجتمع تلك الجبال الجميلة .

لقد واجهنا الهاشمية وعناصرها وجهًا لوجه ، في الحي والمؤسسة والشارع والمدينة والريف ، خرجوا من اجداثهم وأوسعونا ضلالًا وبغيًا وتآمرًا ، ومن أراد تفحُص الحقيقة عليه أن يشاهد تلك الأسماء التي تدون طلقاتها في ظهورنا ، فالعار الذي تلبسنا لم يأت من جبل ، الجبل بريء من الجريمة ، إنه الكتاب الذي قرأه الهاشميون في صباهم ، الفكرة التي جعلتهم شياطينًا من نار وبارود ولهب ، ولن نهزمهم حتى نقمع الفكرة في العمق . ذلك لم يكن خيارنا ، فالمذهب الزيدي – الهادوي جاء بعائلة ترتبط نسبًا بنبي الأمة العظيم ليجعلها مقدسة ، ولم يكتف بذلك بل قال أن عليها القتال لتنال حقوقها بالثورة والعنف ، ولما كانت تلك العائلة قليلة العدد والعُدة اخترع "يحيى طباطبا" فكرة التنسيب للشجرة المقدسة حتى صار عددهم ضخمًا جدًا ، جيشًا يستطيع المقاومة والقتال لدحر اليمنيين والإستيلاء على السلطة بالقوة .

لقد عانت اليمن من الزيدية – الهادوية الكثير من الفواجع ، ورهنتهم في التخلف بإسم النبوة والآل المنتجبين ، ونحن اليوم نقاتلها بالسخرية والرصاص ، بالكتابة والكُتب ، فما الذي يدعو مروان الغفوري أن يعمم على الجغرافيا التي تعرضت للمذابح "الزيدية الهادوية" على امتداد التاريخ اليمني ليدفعهم نحو مزيدً من العصبية القبيلة التي يستثمرها الحوثي جيدًا ليغرق بها اليمن كله في الوحل .

لن ننجو من جيش قوامه 20 مليون يمني ، لكننا نستطيع تبرئة الجبل والإنسان ، ووضع حبل المشنقة على المجرم الذي حشد عصبيته السُلالية ليقتل اليمنيين بإسم حقه المقدس ووهمه المجنون ، لقد صرخ "محمد حسين العيدروس" في معهد الميثاق قبل أيام على رأس حشد من أعضاء مجلس الشورى : أنا هاشمي ! . وكان ذلك النسب كافيًا ليصبح رئيسًا للمجلس ! . ومثله فعل علي الكحلاني ويحيى الشامي وابنه ، ومعهم آلاف الأسر الهاشمية التي أحسنا الظن بها منذ العام 2004م ، حتى اسقطت كل محافظة ، ووصلت إلى منزلي لتضربني بعنف . كان حمود عباد يكذب في أذن كل يمني ، حتى سقط ابنه صريعًا مع الحوثي ، فرثاه الرجل بقصيدة غير موزونة ولا متزنة ، وصفه بـ"علم الهدى" !، وفي رسالة النعي قال عبدالملك الحوثي عن "عُباد" أنه خدم "المسيرة القرآنية" كما لم يخدمها أحدٌ من قبل !. فما الذي فعله وزير الأوقاف الأسبق ؟ ، لقد أنفق على الحوثي من أموال الأوقاف ما أغدقهم واشترى لهم أسلحة بالمليارات ، وساهم في إثراء الحركة من مال المسلمين السُذج الذين تركوا أراضيهم وقفًا للعبادة ، فاستثمره "حمود" غير المحمود في وقاحة ارتجالية ليقتل به أولئك السُذج بإسم الإسلام ، حتى أنه كتب على أعتاب تلك الأراضي مزيجًا لا يُعد من اللعنات المرعبة التي تتوعد المتلاعب بالخسران في الدنيا والأخرة ، ولم يتورع عن المساهمة في إطلاق الرصاص على اليمنيين وبأموالهم التي انفقوها على الحج ، وعلى رئيسه السابق الذي قتله بحشد غير مسبوق من هواشم أرياف ذمار ومدنها ليشكلوا طوقًا حاقدًا على رجل انتخبوه بملء إرادتهم .


تلك قصاصة من رواية يمنية لم يقرأها مروان الغفوري ، أغوته حذلقات الهاشميين المترامين حول مقالاته ، المندهشين بحروفه ، النعومة التي يلمسها في تنظيرات هواشم ألمانيا ليست كافية لإقناعنا أنهم يريدون السلام الحقيقي طالما وأن تعريفهم للسلام ينكفئ على حق عبدالملك الحوثي في الإحتفاظ بسلاحه وغسل يديه من الدم ، ذلك الشعر المنسدل الذي يراه هناك ليس بريئًا فقد أخرجت "الزينبيات" عيالهن إلى الموت فعادوا جثثًا هامدة تعلوها الزغاريد ، توحشت براءة الأم ورحمتها على وليدها وانقلبت مفاهيم الأمومة بفعل البربرية الهاشمية التي تجرعنها في طفولتهن ونمت معهن فأغشت افئدتهن وابصارهن عن الرحمة ، لا يجوز أن ينصت مروان الغفوري لأولئك المدللين من هواشم الثراء حتى يقضي حكمه ويتهم الضحية بالكراهية ويدافع عن المجرم ذي الرائحة الزكية والقميص الحريري ، لقد رأيت أمثالهم في القاهرة والأردن وعلى شواطئ شرم الشيخ وفي الكويت والبحرين وجنيف ، يتمسحون كالأفاعي وفي أول رحلة إلى صنعاء يتحولون إلى مشرفين بلا قلب ، عليه أن يسمع المُعفّرين بالتراب خلف ثكنات الرجولة المتناهية وهم يقاتلون عن إباء أعداءً من ورق ، يمزقون ملازم الجريمة ، ويُحرقون كبد الشيطان الهاشمي الذي توهم أنه مقدس ودونه عبيد ، عليه أن يشاهد قصة واحدة من تلك الخوارق الأسطورية التي يرسمها فتية اليمن ورجالها ليعيدوا توازن وطنهم الذي فقد وعيه بسبب تلك الترهات والأحكام المغالية في المثالية .

لقد ضرب محمد الأضرعي بشواظ من نار كل تلك الخرافات المعتوهة التي تجاسرت على مدى قرون حتى استحالت حقيقة ، وايقظ المجرم الرسي من رقاده ، وقاده إلى حلبة مفتوحة يسدد له لكمات خاطفة وقاضية ، وقبل أن يندفع "مروان الغفوري" للدفاع عن المسخ عليه أن يسأله عن جريمته الممتدة عبر قرون طويلة ، كيف استمرت ؟ ومن أين جاءت الفوضى ، ومن أحرق المعبد ؟ ولماذا نكرههم كثيرًا .. كثيرًا جدًا ؟

..

وإلى لقاء يتجدد .