د كمال البعداني

د كمال البعداني

هذا هو الفريق (العمري ) يا شيخ (حميقاني )

2018-04-08 الساعة 22:20

في كل مرة نتكلم فيها عن الفريق العمري . يبادر صديقي الشيخ (عبد الوهاب الحميقاني) الى الاعتراض ويحاول الانتقاص منه بكل الطرق والتشكيك في وطنيته فضلا عن انكار دوره والتقليل منه  في الدفاع عن ثورة سبتمبر  ومعركة السبعين ، واتهامه بتهم عديدة ،واضح جدا ان صديقي الشيخ عبد الوهاب ينطلق من موقف مسبق من الرجل . و غير ملم تماما بتاريخ ثورة سبتمبر ورجالها ، حتى انه لا يعرف عن العمري الا انه ظهر فجاة في حصار السبعين ولم يكن له اي ذكر من قبل ، وفي كل مرة يتسائل ويقول. اين كان العمري من بعد قيام الثورة حتى ظهر في حصار السبعين، وفي اي صف  ومع من كان  وكيف تسلق الى هذا المنصب؟؟ وهكذا منذ ثلاثة اعوام وهويردد نفس الأسئلة واخرها في تعليقاته يوم امس ٧ ابريل على صورة الفريق العمري التي نشرتها بمناسبة مرور ٢٩ عام على وفاته، ولو كلف نفسه صديقي الشيخ خلال هذه الفترة وقرأ تاريخ اليمن المعاصر  وعن ثورة سبتمبر بالذات لعرف ان
الفريق العمري  خريج الكلية العسكرية في العراق عام ١٩٣٨م وكان من ضمن دفعة الشهيد احمد الثلايا ، شارك العمري في ثورة ١٩٤٨م  وبعد فشلها سيق مع رفاقه الى سجن نافع في حجة ومكث هناك بضع سنين ،  وفي فجر  يوم ٢٦ سبتمبر  كان العقيد العمري  من ضمن الخلية في الاذاعة بحكم عمله هناك ولذلك قام باستقبال القوة التي قدمت الى الاذاعة بقيادة الملازم علي (قاسم المؤيد والملازم صالح الاشول) الذي اورد هذا الكلام في كتابه الذي اعده (اسرار ووثائق الثورة اليمنية الصادر في عام ١٩٧٨م عن لجنة من تنظيم الضباط الاحرار )،،  وبعد سبعة اشهر من قيام الثورة وتحديدا ١٧ابريل ١٩٦٣م  صدر قرار جمهوري بتشكيل مجلس رئاسة كان (العمري ) احد اعضائه ، وفي يونيو من نفس العام صدر  قرار جمهوري من الزعيم السلال بتعيينه نائبا لرئيس الجمهورية ، وفي ٢٧ابريل  من عام ١٩٦٤م صدر قرار جمهوري بتعيينه نائبا لرئيس الجمهورية ونائبا للقائد العام للقوات المسلحة ، وفي شهر يناير  من عام ١٩٦٥م تم تكليفه بتشكيل الحكومة والتي لم تستمر الا اربعة اشهر ،اعقبها تكليف الاستاذ النعمان بتشكيل الحكومة ولم تستمر هي الاخرى غير ثلاثة اشهر فقط حتى قدم النعمان استقالته . ليعاد تكليف العمري بتشكيل الحكومة في ١٧ يوليو عام ١٩٦٥م ،  كان يشغل الى جانب رئيس الحكومة منصبه السابق نائبا للرئيس ، في شهر عشرة من نفس العام عقد  مؤتمر (حرض) بين الجانب الجمهوري والجانب الامامي وكان ذلك بضغط مصري سعودي ، وكان النظام الجمهوري مهدد في هذا المؤتمر فقد كان هناك  اقتراح بتغيير اسم الجمهورية العربية اليمنية الى مسمى (دولة اليمن الاسلامية ) لفترة انتقالية لمدة عام يعقبها (استفتاء ) شعبي لاختيار نظام الحكم ، وقف الوفد الجمهوري في المفاوضات بكل قوة ضد هذه الفكرة،  وخرجت المظاهرات في كل المدن اليمنية لمعارضتها ، الرئيس السلال كان حينها في القاهرة ويرفض هذا المقترح بكل شدة . الفريق العمري كان من ينوب عنه في صنعاء  وضل يحشد الناس لمعارضة  ذلك ، واخذ يصدر التوجيهات للوفد الجمهوري بصورة متكررة للانسحاب . كما ذكر ذلك القاضي الارياني في مذكراته والذي كان هو نفسه رئيس الوفد الجمهوري في المفاوضات ، في شهر (٧)  من عام ١٩٦٦م وعندما كان العمري في زيارة القاهرة ابلغه قنصل (المانيا الشرقية ) ان مصر قد اوقفت الصفقة العسكرية للجيش اليمني وهي عبارة عن اسلحة خفيفة وسيارات عسكرية  للجيش اليمني كان العمري قد طلبها من المانيا اثناء زيارته لها . غير ان الحكومة المصرية طالبت بتجميدها او تحويلها عن طريق مصر وليس الى اليمن مباشرة ، فما كان من الفريق العمري واحتجاجا على هذا التصرف الا ان اعلن استقالته من القاهرةوخاطب بها الشعب اليمني مباشرة . وكذلك فعل عضو المجلس الجمهوري القاضي الارياني والذي كان معه في القاهرة ، كما اورد ذلك القاضي في مذكراته الجزء (الثاني ) . وبعد عودتهما الى اليمن رفض الوزراء وقادة الجيش وزعماء القبائل الاستقالة ،  في شهر اغسطس عام ٦٦م  عاد الزعيم السلال من القاهرة بعد مكوثه هناك ما يقارب العام وفق تفاهم بين  (القاهرة والرياض ) . في شهر سبتمبر من نفس العام توجه العمري نائب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومعه ما يقرب من خمسين شخص من اعضاء المجلس الجمهوري والوزراء وقادة الجيش وغيرهم من العسكريين والمدنيين ، توجهوا جميعا الى القاهرة لمقابلة الرئيس جمال عبد الناصر والاحتجاج على السياسة المصرية في اليمن ، وهناك تم ايداعهم جميعا  (السجن الحربي  )الا البعض منهم لا يتعدون اصابع اليد ، مكث العمري في زنزانة (انفرادية)  مايزيد عن عام كامل حتى اطلاق سراحهم في شهر اكتوبر عام ١٩٦٧م بعد هزيمة مصر في حرب ٦٧م وسعي الحكومة السودانية وتوسطها  من اجل الافراج عنهم ، عاد معظمهم الى صنعاء غير ان الفريق العمري تاخر في القاهرة للمعالجة بسبب الامراض التي اصيب بها في السجن ،  عملت المجموعة التي رجعت من  السجن الحربي في القاهرة عملت على الاطاحة بالسلال في ٥ نوفمبر ١٩٦٧م وتم تعيين  القاضي الارياني رئيسا للمجلس الجمهوري بدلا عن السلال الذي كان في زيارة للعراق ،    كلف (الارياني)  الاستاذ  محسن العيني بتشكيل الحكومة  . و بسبب الوضع العسكري الصعب   بعدخروج القوات المصرية وزحف القوات الامامية لمحاصرة العاصمة ، ومع مغادرة بعض كبار  الضباط لليمن تحت  حجج مختلفة، اتجهت الانظار الى الفريق العمري  وتم استدعائه  على عجل من القاهرة ووصل الى صنعاء في ٢١ نوفمبر ١٩٦٧م، ليصدر في اليوم الثاني القاضي الارياني  قرار جمهوري   بتعيينه قائدا عاما للقوات المسلحة ، تعالت بعض الاصوات تطالب بحل حكومة العيني وتشكيل حكومة عسكرية . اتجه العيني في زيارة الى الخارج ولكنه ارسل استقالته من القاهرة  وصدر قرار جمهوري في ٢١ ديسمبر بتكليف الفريق العمري تشكيل  حكومة عسكرية كما جاء في ( مذكرات د حسن مكي )، انتقل القاضي الارياني الى الحديدة ومعه اعضاء المجلس الجمهوري ومن هناك اخذ يستقبل ويجهز القبا ئل وارسالها لفك الحصارعن صنعاء ويساعده في ذلك الشيخ محمد علي عثمان ،  قاد العمري  معركة السبعين عن جداره ومعه الجيش اليمني المتواضع آن ذاك  والمقاومة الشعبية ورجائل القبائل، ولما كان رئيس الاركان  (علي سيف الخولاني ) قد تاخر في القاهرة بحجة المرض، فقد اختار الفريق العمري ضابط صغير السن من ضباط الجيش اليمني ليكون رئيسا للاركان وهو النقيب (عبد الرقيب عبد الوهاب)رئيسا للاركان وقائدا لقوات الصاعقة التي كان يقودها من قبل . وقد سطر اروع الملاحم في حصار السبعين وكان مع الفريق العمري هما عنوان النصر ، كان العمري دائم التنقل في المواقع ولا يعود الى بيته الا في وقت متاخر من الليل ، رغم تحذير كبار الضباط له ، اصدر اوامره بنسف اي منزل في صنعاء يتم اشعال النار في سطحه ليلا حتى لا تتكرر مأساة سقوط صنعاء في ثورة ٤٨م بعد التنصير من اسطح المنازل . سبعون يوما صمد فيها العمري ورفاقه ومن خلفهم المقاومة الشعبية في العاصمة ، بعد ان كانت كل الاذاعات والصحف الخارجية  تقول ان سقوط صنعاء مجرد ساعات فقط . كان فك الحصار عن صنعاء يوم (٨) فبراير ١٩٦٨م عندما تم فك الجبهة الغربية وفك طريق الحديدة صنعاء  عندما  تمكنت قوات الصاعقة والمظلات ولواء المجد من الالتقاء في مشارف العاصمة بالقادمين من الحديدة بقيادة الشيخ القبلي (احمد عبد ربه العواضي ) والذي كان له دور كبير في فك الحصار من جهة الغرب، وهو الذي قدم من البيضاء الى الحديدة ومعه الكثير من المحاربين من ابناء البيضاء وانظم اليه المئات من المتطوعين من تعز واب ، وقد كان الى جانبه كذلك القائد العسكري عبد اللطيف ضيف الله (حسن مكي في مذكراته )  كما ساهم في فتح خط الحديدة صنعاء العديد من زعماء القبائل امثل الشيخ احمد المطري وغيره  من شيوخ القبائل،، ولما كان محور الحديث هو الفريق العمري فقد اكتفينا به ولم نتوسع في الحديث عن حصار السبعين ،  الكثير من الذين كان لهم مواقف بطولية في تلك المعركة،  وهناك الكثير من الذين ضحوا واستشهدوا من العسكريين والمدنيين  دون ان ينصفهم التاريخ ،، قد يختلف البعض مع الفريق العمري في بعض تصرفاته او قراراته ، لكن لا يستطيع احدا على الاطلاق نكران ان الفريق (العمري ) كان هو رمز معركة السبعين . رحمة الله عليه وعلى كل رفاقه من العسكريين والمدنيين  من كل فئات ومناطق اليمن شماله وجنوبه شرقه وغربه  والذين خاضوا تلك الملحمة الوطنية الخالدة . فهل عرفت الان ياشيخنا عبدالوهاب الحميقاني اين كان الفريق العمري وفي اي صف كان من بعد قيام الثورة حتى معركة السبعين ؟