عبدالخالق عطشان

عبدالخالق عطشان

ثورة 11 فبراير وعبور المستحيل

2018-02-09 الساعة 22:48

من أجل نظام ديمقراطي شوروي عادل ، ولأجل تحقيق قيم الحرية والعدالة والمساواة وللتحرر من حكم الفرد المستبد والتوريث خرج شباب الجمهورية الى ساحات التغيير السلمي وتوالىالإنظمام لقافلة الثورة الشبابية ، كانت هذه هي الأسباب العامة والأهداف الواضحة لخروج الملايين لساحات الثورة .. فلاتحدثوني عن أصحاب المصالح الضيقة والأهداف المستترة والمتسلقون خلف عجلة الثورة فإنهم سيتساقطون كأوراق الشجر وتذروهم الرياح . 
 
يوم خرج الشعب اليمني في ثورة 11 فبراير خرج بتنوعاته المختلفة العمرية ( الأطفال ، الشباب ، الشيوخ ) و النوعية ( المرأة ، الرجل ) و السياسية والمنضمات الجماهيرية والأكاديمية والنخب المجتمعية والثقافية  بكل ألوانها ، خرج الموظفون و أصحاب المهن والعاطلون وخرج الجنود والضباط  .. خرج العلماء العارفون لربهم والفاهمون لواقعهم والمشهورون بعلمهم في الداخل والخارج ..
(الأمة ، الشعب ، الجماهير ) سَمِّهم ماشئت بمختلف توجهاتهم وتكويناتهم السياسية والفكرية والذين لم تخالط أفكارهم ولم تتشرب قلوبهم ماخالط بعض قادتهم من الأطماع والإنتهازية وسوء النوايا وارتعاش الأداء هؤلاء هم عناصر الثورة وطاقتها الحقيقية وعشاق الحرية والكرامة . 

رغم الضغوطات الخارجية و رغم  الأخطاء التي وقع فيها بعض رموز الثورة المنضوون تحت مسمى الأحزاب والتي أدت لتوقف مؤقت لعجلة الثورة وبدأ الوفاق بين الشركاء والذي به بدأت المحاصصة المشؤمة التي أوجدت حالة من التنازع بين بعض شركاء الثورة من جهة وبين نظام صالح من جهة أخرى وصولا للحوار الوطني والذي استغله بعض شركاء الثورة والحوار والوفاق لاجتياحهم بمليشياتهم جغرافية الدولة وانتهاك سيادتها  واسقاط مؤسساتها واعدام رموزها من جهة  بينما بعض آخر كان داعما لهذا التمرد بشكل مباشر او غير مباشر  بالتواطؤ والصمت والتبرير من جهة أخرى .

رغم كل الأحداث المؤسفة التي اعقبت الثورة مرورا بإسقاط صنعاء واجتياح المليشيا الإنقلابية لمحافظات الجمهورية وانقلابها على كل اتفاق وخيانتها لكل عهد إلا أنه من الظلم والإجحاف تحميل ثورة 11 فبراير ك(حدث ثوري) تلك الأخطاء دون النظر إلى الأسباب الحقيقية والظروف الطارئة والأداء السياسي المهزوز و الباهت لبعض مكونات الثورة الحزبية قُببل وأثناء وبُعيد المبادرة الخليجية وماتلاها من تسويات.

إن من يُحَمل ثورة 11فبراير الحالة التي وصلت إليها اليمن اليوم بفعل العمل الإنقلابي المليشاوي كمن يحمل ثورة 26سبتمبر ماتلاها من حروب واغتيالات واستبداد وتلاعب بالنظام الجمهوري وكمن يحمل ثورة 14 اكتوبر الأحداث السياسية العقيمة المتلاحقة وكذلك الأحداث الدامية والصراعات المسلحة بين الفصائل والجماعات من جهة والحرب بين شمال اليمن وجنوبه من جهة أخرى وكمن يحمل 22مايو الأخطاء الساسية والحروب والمظالم الذي حدثت بعد ذلك .

ثورة 11فبراير ليست إلا ثورة مثلها مثل سابقاتها من الثورات اليمنية والتي تعرضت لإعاقات وعرقلات  داخلية وخارجية إلا أن ثورة 11فبراير لم تتعرض لإعاقات فحسب وإنما لكمائن وأفخاخ ومكائد عظيمة ومكر تزول منه الجبال ومع ذلك مازالت ثورة فبراير صامدة وثابتة ومستمرة تمضي نحو تحقيق أهدافها وعبور للمستحيل بتضحيات كبيرة مثلها مثل بقية الثورات إلا أنها الحدث الثوري اليمني المعاصر الأرقى و الأبرز وستكون الحدث التاريخي الأقوى في وضوح الأهداف وتنوع الوسائل وحجم التضحيات وتعدد النتائج وتحملها لتبعات  الأخطاء التراكمية  التي كانت نتاجا للسياسات  المتعاقبة بعد ثورتي سبتمبر و اكتوبر  تلك الأخطاء التي أوجدت أعداءًا وخصوما لثورة فبراير من داخلها و خارجها وفي الداخل اليمني و خارجه وإعاقات كبيرة وضغوطات أكبر وقفت حواجز لتحقيق كامل أهدافها في وقتها المحدد.