عبدالخالق عطشان

عبدالخالق عطشان

الداعية كبواب للإنضمام للحزب

2017-11-15 الساعة 18:12

يعتبر العمل الدعوي عملا إنسانيا يدعو للتمسك بالفطرة التي فطر الله الناس عليها إذ غايته هو إعداد وتخريج إنسان يحمل مجموعة من المبادئ والقيم تنبع من عقيدة سوية صافية لايخالطها شك.. إنسان يتوجب عليه أولا : تحقيق الواجبات التي عليه تجاه ذاته وماحوله ضمن دوائر ضيقة تتوسع شيئا فشيئا إذ تبدأ بدائرة الأسرة حتى الوصول إلى أوسع دائرة وهي الكون الذي تدركه حواسه ، غير أن أقدس الواجبات وأولها وأهمها والتي يهدف إليها العمل الدعوي هو تعريف المخلوق بخالقه وتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه فمن نجح في تنفيذ واجباته مع خالقه وفّقَهُ الله للتفوق في تحقيق وتنفيذ واجباته تجاه غيره ومن هنا تكمن الحاجه للدعاه والعمل الدعوي والذي يتطلب ليس مجموعة من الوعاظ والمرشدين يحفظون النصوص عن ظهر قلب ويُعرَفون بهيئتهم ورائحة عطر العنبر والعود وحف الشارب وإعفاء اللحية وإطالة السروال وقصر الثواب وتم برمجتهم لتنفيذ برامج معينة تخدم فئة معينة وإنما يتطلب دعاة يتميزون بفهم المنهج وفقه الواقع و ثقافة واسعة وحرفية عالية في استخدام اساليب وطرق دعوية ناجحة تتلاءم مع الزمان والمكان بل و تفهم طبيعة الشخوص وتراع الفروق الفردية لها ويتميز هؤلاء الدعاة بسلوكيات راقية أقل مافيها أن يكون الداعية قدوة ويدرك أن الدعوة ( فن و ذوق و أخلاق ) .

 

في معظم الأحزاب والتي نعتت أو نعتوها ب(الإسلامية) ولما غاب المفهوم الحقيقي وبدأ كل فصيل سياسي (إسلامي) يُسوق نفسه أنه الأصلح لحكم الدولة والأجدر لحكمها  بجعله للشريعة الإسلامية هي مصدر التشريعات عجزت هذه الأحزاب عن الوصول لبغيتها ومرادها ومرد ذلك أن معظم رجالات هذه الإحزاب والذين انخرطوا في العمل السياسي مازالوا يرون في أنفسهم أنهم (دعاة) اولا وأخيرا ومازالت تغلب عليهم صفة الداعية الواعظ المرشد الذين يرى في البلاء والصبر والموت في سبيل الدعوة وسائل لبناء الدولة - وهو في ذلك محق نوعا ما - لكن لكل مقام مقال .. فقبة البرلمان ومجلس الشورى و رئاسة الوزراء و موفمبيك بل وكل سلطات الدولة ومؤسسات الدولة المدنية والعسكرية تحتاج إلى قادة من ذوي الخبرة والكفاءة والقدرة تحمل قدرا عاليا من فنون السياسة لا الدعوة تستطيع تحقيق و تنفيذ البرامج والخطط والأهداف باقتدار و تميز وبالذات في مجتمعات جرى تشويه المصلحين فيها وشيطنتهم و هي - المجتمعات - أحوج ماتكون لبسطة سلطة النظام والقانون والتي تعود بالنفع عليه ويلمس أثر ذلك في معيشته فيُطعم من جوع ويأمن من خوف.

 

الداعية ومهمته من أشرف المهام والطاعات ولما كان الداعية بهذه الأهمية و المكانة فكان لزاما عليه توجيه ابناء المجتمع إلى مايجب عليه من تآخٍ و تعاون و تكافل وتكاتف والتزام بقيم الإسلام ومبادئه والدفاع عنها و منها الحرية والكرامة والعدالة وتبيين نوعية العلاقة بين المسلم و غيره وأن أجلّ مايربط المسلم بغيره هي الإنسانية وما نتج عنها من رحمة وتقدير وتعاون متبادل فيما لايفسد سلامة المعتقد والمنهج ولايقلل من الثبات على المبادئ والقيم ومتى ما نجح الداعية في مهمته الآنفة الذكر بتعاون كل ماله صله بأعداد الفرد المسلم والمواطن الصالح في الدولة الحاكمة فإن المجتمع سيكون ولّادا وليس عقيما لجماعات مؤهلة تخوض غمار السياسة بعد تأهلها لذلك بالتأهيل النظري والعملي والمُعاين فتقدم برامجها لتنافس في استحقاقها للسلطة تتخاطب وتحاور وتقرر وتنفذ وتحكم بعقل السياسي والذي كان للداعية فيه أثرٌ محمود في صفائه واستقامته وحبه للوطن وتغليبه لمصلحة الأمة على مصلحة النفس والحزب.

 

وحده السياسي البارع المحنك والحزب الذي ينتمي إليه من يقود ويسود غيره بمنجزاته التي على الأرض و ذاق حلاوتها أبناء المجتمع بل وبتلك المنجزات ستتزاحم أبواب مقرات حزبه طالبةً الإنتساب للحزب أو الجماعة علنا ودونما خوف وليس سوى هذا الطريق طريق للإستحواذ على القلوب والعقول وأما أن يتم استقطاب افراد المجتمع بالدروس والمحاضرات والغرف المغلقة والسرية المحكمة لفترة زمنية يسيرة  ثم يطلب منه تعبئة الإستمارة للإنضمام للحزب أو الجماعة ويتم بموجبها منحه بطاقة عضوية فهذا يوجد مجموعة من الأفراد مُنقادة ستضل ترى في نفسها أنها ( جماعة للدعوة) وكما يصفها البعض ( دراويش) مهما بلغت ثقافتها ومستوى تعليمها إلا مارحم ربك  فتصول وتجول في كل محفل ومقام ومؤسسة بمنطق الداعية لاتستطيع تحقيق الأهداف المرجوة حسبما خططت لذلك بينما هناك على الجهة المقابلة والمنافسة لها سياسي ذو حنكة و دهاء و خبرة في داخله داعية كبير  يجيد فنون السياسة وماهر في اساليبها وحكيم في تنويع طرائقها فإن كان في السلطة فهو الأجدر وإن كان في المعارضة فو الأقدر  .