محمود ياسين

محمود ياسين

الضابط "الخطير" الذي حقق معي!؟

2017-10-04 الساعة 21:13

 

 

 

   بودي فقط لو اصادف الضابط الذي حقق معي لأفهم منه لماذا كان يصر على ان الهدف السري الحقيقي لمسيرة الماء هو تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني 
مع انني كنت احاول مساعدته في ايجاد الهدف السري ، حتى انني اقترحت فكرة سرية معقولة وهي وضع سلاح في صهاريج الوايتات بدل الماء ، وليس داخل الماء ذلك ان بعض الاسلحة قد يفسدها الماء وتذحل في الطريق ناهيك عن ان العبوات قد تتحول الى ما يشبه خلطة جص 
لكنه بقي يردد صارخا : يا محمود لا تتذاكى عليا ،، ماهي الأهداااااااف الحقيقية لمسيرة الماء ؟ 
قلت : هل تفكر مثلا في اننا كنا نهدف لزعزعة الجبهة الداخلية ضد تعز ؟ لم ترقه اجاباتي ولا مقترحاتي وراح يصر على انتزاع السر الأمني الذي احسست بخطورته لحظتها اكثر من احساس ظابط استخبارات ، دون ان اعرف ماهو هذا السر وانتابني حس عارم بالفضول وأردت ان اعرف فمنحني تلك الاجابة التي اخبرتكم عنها اول الموضوع وهو ان الهدف كان تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني 
انا لم احب الموفمبيك اثناء الاعداد لافتتاحه اذ بدى لي هكذا مبالغا فيه لونيا وهو يكتسح الفراغ بوجوده القرمزي المستفز ، ناهيك عن تلك العلاقة الفاترة بقاعة الحوار ايامها وحدوث سوء فهم متكرر بيني وبين بعض المتحاورين في المؤتمر لأسباب لا علاقة لها بالحوار الوطني ولكنها غالبا من تلك الاسباب التي تضعني في مواجهة مع اصدقائي بسبب الصراع على موارد اللغة والتفسيرات العاطفية لمعنى الوفاء مثلا مضافا اليها ولعنا جميعا بالغيبة والنميمة ضد بعضنا دون ان أتمكن من تحديد موقف قاطع من مؤتمر موفمبيك ايامها ، ابتسمت فقط لهبة سخية حظيت بها على طاولة في الموفمبيك بينما كان الوقت يغادر قلقي العتيد وانا احدق في ساعة سوداء ترقص في غفلة من الزمن 
فيما عدى ذلك لا يمكنني ترتيب مصيري اثناء التحقيق على مؤتمر لا علاقة له بالماء الا ان اعتمدنا مبدأ هادي وهو يتحدث عن استمرار أقاليم الوحدة الوطنية وذلك بسبب ان الماء سيجف في الشمال عام 2032
الأمر الذي صرح به هادي لاحقا وليتني فكرت بطريقته لحظتها لأقدم للمحقق تفسيرا جيوسياسيا او طبوغرافيا لتدفق الماء ليس بين الاقاليم ولكن بين ضفتي اقليم واحد 
لكن هذه الفكرة لم تكن قد تخلقت في ذهن احد غير ذلك المحقق الذي كانت نبرته تفصح عن ثقة عميقة في خطورتها وفي ما يتمتع به من استراتيجية نشأت على اعتناقه اسلوبا حديثا في التحقيق وهو مزج الاسئلة بالاسرار بالتعذيب الجيوساسي .
ادركت انه كان بصدد خيار استراتيجي مستميت في الوصول إليه ، وأمامه كل الوقت المتاح للحصول عليه مني انا الذي بين يديه معصوب العينين وبلا استراتيجيات من اي نوع 
فقلت : أعد السؤال ، صاح مجددا. : ماهي الاهدااااااف الحقيقية لمسيرة الماء ؟ قلت : تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ، وفكرت لحظتها في قبو الموفمبيك حيث ترقد اسرار المؤتمر الذي اتمنى الآن لو أنخرط في مسيرة لعودته ومسيرة اخرى لتنفيذ مخرجاته ولكن بدون محقق خطير
اذ لا طاقة لي بمحادثة بحوار اخر مع محقق يبحث عن اسرار خطيرة ، ويجسد فكرة تداخل الأحداث وتوحد المأساة بالملهاة في طريق نبوءة تتحقق على نحو بالغ الغرابة . 
قد يغمغم احدكم : رويت لنا عن مسيرة الماء كثيرا، 
اعرف لكنها اكثر ما لدي جدارة بأن يروى ، مثلما هو حال رفاقي الذين لا ادري ما ان كانوا جميعهم او بعضهم قد واجهوا ذلك السؤال وما ان كان لدى أي منهم الان رغبة ما في حوار اخير . 
كان الموضوع مرحا في في البداية ولقد كتبت بهدف المرح لا الحوار ولا استدعاء البطولات ولاحتى البحث في الاسرار 
لكن ربما ليس من الحكمة البحث عن ابتسامة وحلاوة روح ولا حتى مهمة وطنية لاحقة في ذكرى منغصة مع محقق يجسد عمليا استراتيجية الانهيار الذي ارتجله الخطيرون .