سام الغباري

سام الغباري

الحاسة السابعة !

2017-02-11 الساعة 20:05

 

 

- يكتشف اليمني بجيبه ما هو أبعد من حواسه الخمس ، المال يمثل حاسته السابعة الأكثر تأثيرًا في مساره وحياته وقيمه وأهدافه وحروبه ! ، تمعنوا جيدًا كيف يتحول بسرعة من مذهب إلى آخر ، ومن دين إلى دين ، ومن ثورة إلى أخرى ، ومن معارضة إلى حكومة ، ومن زعيم إلى مجنون ، ومن برلماني إلى ميليشاوي ،ومن شيخ إلى عبد ، ومن مسلم إلى كافر !.
- مقدرة خارقة على التحول ، والإستمرار في الحياة دون الشعور بتأنيب الضمير ! .. و في ذلك قصة طريفة يجب أن تروى : 
.. يُحكى أن شابًا ذهب إلى الضابط "جمال جميل" في صنعاء عقب مقتل الإمام يحيى حميد الدين ، يشكو هزال والده ، وامتناعه عن تناول الأكل حُزنًا وكمدًا على الإمام الطاعن في السن ! ، قال "كلما اقترب موعد العشاء ، يصيح والده .. قتلوه وهو في الخامسة والثمانين ، ويلهم من الله " ثم ينتابه غمٌ وحزن ، فينصرف إلى النوم جائعًا ! ، في اليوم التالي استدعى "جمال جميل" والده ، وأمر بصرف خمسين ريال فرنصي ، فعاد الأب مسرورًا ، وكان يأكل بنهم ، صائحًا : ثورة دستورية وبس ، فيقتلوه وإلا يعلقوه في باب الشقاديف ، الله لا رحمه !! .
- قديمًا كان اليمني يهوديًا ، ثم تنتصرن ، ثم اعتنق المجوسية وكان يعبد النار ، ثم أسلم مع من أسلموا ، ثم إرتد ، ثم أسلم ، كان هذا في 100 عام فقط ! .. في تاريخ ثوراته على الحاكم المستبد ، يقف اليمني بحاسة الجيب مع القوي ، يميل مع النفوذ ، ويتكيف بسرعة مع التحولات المصيرية ، منذ بدء الحركات الثورية الوطنية على حُكم الإمامة ، أو خلال الإستعمار البريطاني للجنوب ، اليمني شيء واحد ، كائن يبحث عن الغريب ، فيوليه ويقتات منه ، لا تعجبه بطولات أصحابه ، وهو مولع بقتل رؤساءه ، وملوكه وأئمته ، لن تجد واليًا يترحم عليه اليمنيون منذ صدر الإسلام ، أغلبهم إنتهوا باللعنات ، والتجريم ، حتى أولئك الذين حملوا مشاعل التنوير ، فقدوا أهدافهم مع أول نصل لامع إخترق ظهورهم ، وأرداهم قتلى .
- سعيد الفقيه ، صار يُنعت باليهودي ، وعلي بن الفضل تحول إلى شاذ ، و تبة العمري سُمّيت بـ " تبة الحيوان" مكافأة لبطولة صاحبها في حصار السبعين ! ، طُرد الزعماء الذين قاموا بثورة سبتمبر المجيدة ، حسن العمري مات في المنفى ، وجزيلان أيضاً ، وقحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف قتلا في الظلام ، وسالم ربيع علي في النفق ، والحمدي انتهى به الأمر مشوهًا مع فرنسية شقراء ، وعبدالرقيب الذبحاني والرعيني سحلا في شوارع العاصمة ، ومن إتكئ عليهم "محمد البدر" عادوا إلى اليمن بدونه ، فمنهم من قُتل في لندن ، أو مات مجهولاً في إحدى دور صنعاء الباردة !.
- قبل أعوام كان اليمنيون يقاتلون الحوثيون بشراسة ، واليوم يحكمونهم ، وبقسوة ! ، كان علي عبدالله صالح يتحدث بلسان فصيح عن إستحالة عودة الكهنوت الإمامي ، وخلال لحظة طيش فتح معسكراته وأبوابه ومدنه وقبائله للإعصار الحوثي ، دون أن يشعر بالخجل ، كان الإصلاحيون أيضًا ينافسوننا في صالح ، ويتقربون منه حتى شعرنا أنه إصلاحي ! ، واليوم نراه شيطانًا يحملونه كل مآسي الكرة الأرضية .. حين نحب نعشق ، وإذا كرهنا نخاصم بفجور ! .
- يذهب المثقف اليمني إلى فرنسا أو أميركا أو كندا، فتجده ملحدًا دون أن يطلب منه أحدًا ذلك ! ، حتى أنه إذا أراد إثبات عبقريته ، يكتب مقالاً ينتقد فيه رسول الله ، والقرآن ،ويتساءل عن وجود الله ! ، يريد فقط أن يشعر بأن الناس يهتمون لأمره ، فاقدون لكل شيء ، حتى الهوية .
- أتذكر فيما مضى أن أهل "حاشد" مثلاً كانوا يتقربون إلى مراكز النفوذ ، ويصرخون في وجه الجندي المسكين على أنهم من أسرة آل الأحمر ، أو يقتربون منهم نسبًا ومصاهرة ، اليوم نجدهم يبحثون عن شجرة توصلهم إلى آل البيت ! .
- ذهبنا إلى الماركسية والقومية والبعثية والناصرية ، لماذا ؟! ، لا أحد يدري إلى اليوم ما ذلك الهوس الأحمق الذي تسلط على جيل تلك الأيام في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي ،مجرد شعور بالخواء القيمي والوطني والفكري ، جعلهم ينحرفون باليمن إلى صراعات عقيمة ، كانت كلها تبحث عن نفوذ يقربهم من عبدالناصر أو عن ذهب أسود يذهب معهم إلى باخرات النفط المقدمة مجانًا من صدام حسين .
- ربما لو أن "عُمان" تفكر في تصدير مذهبها الأباضي ، لما لقيمة ريالها النقدي من وزن باهض ، لوجدنا السلفيين والإصلاحيين والحوثيين والمؤتمريين يتسابقون إلى ذلك ، فنراهم يحدثوننا عن عقلانية وفلسفية الأباضيين ! وليس غريبًا إذا شهدنا معركة أخرى من معارك الصراع على شعارات "حرية الرأي والمعتقد" ، فيما تبطن الحقيقة حاسة اليمني الكامنة في جيبه !.
- اليمن سوق مفتوح ، كل شيء معروض للبيع ، إدفع تجد جنودًا ومهووسين ، ومقاتلين من كل مكان ، بل تتجاوز الأمر لتصل إلى رأس الزعيم أو القائد أو نائب البرلمان .. النخبة كلها تباع بسعر زهيد ، فيسلموا إليك اليمن ومفاتيحها .
- هل تود الكنيسة الكاثوليكية أن توجد لها أشياعًا مقاتلين في اليمن ، إدفعوا فقط ، وسيتنصرنون وينتصرون في عشر سنين .. فقط ! .. والله المستعان .