عبدالوهاب طواف

عبدالوهاب طواف

شكراً سيد ترامب

2017-02-03 الساعة 17:20

حاجات الإنسان الضرورية وأحياناً الغير ضرورية؛ هي من توحِد الناس تحت مظلة واحدة. لا الله سبحانه وتعالى ولا الرسل ولا الأديان ولا الأوطان من يجذب أغلبية البشر ويذيب عواطفهم في قالب واحد. فقط هو المأكل والمشرب والمسكن والمأمن هي الأرض الصلبة التي تحمل الناس جميعاً.

نعيش حالة من عدم الإستقرار في اليمن، بل في معظم دول العالم الثالث. لاننا لا نمتلك نظاماً يوفر ويحمي حاجات الناس الضرورية. ولذا نظل نتصارع للحصول عليها ومن ثم حمايتها. كل صراعات الماضي والحاضر هي نتيجة لذلك الخلل في النظام والسياسة. ولكسب جولات الإقتتال والتنافس؛ يُقحم الله والأديان والمذاهب في الصراعات لتسهيل حشد الناس وتوجييهم.

الغرب تنبه لهذا بعد سنوات طويلة من الحروب الدينية، وحُقب مظلمة مروا بها؛ وبالتالي أوجدوا أنظمة وقوانين توفر وتحمي حاجات الناس، وتساوي فرصهم في الأخذ والعطاء بمعزل عن الدين والعرق واللون. إنتظمت الحياة في مجتمعاتهم، وصارت تلك الدول قبلة المظلوم والجائع والخائف والمحتاج للهاربين من مجتمعاتنا العربية والإسلامية. لم يكن الدين مطلب وشرط للدخول والحصول على جنسيات تلك الدول. ولذا نجد أن المسلمين هناك صاروا جزءً أصيلاً في نظام بناء تلك المجتمعات، وبالتالي نجحوا في ما فشلوا في تحقيقه في دولهم. 

كل صراعاتنا في اليمن كانت ومازالت من أجل السلطة والنفوذ، ويتم تغليف تلك الصراعات بأغلفة دينية ومذهبية، لضمانة حشد الأتباع وتحفيزهم. 
فشلنا في إيجاد نظام سياسي وتعايشي جامع وبحده الأدنى لتسيير عجلةالتنمية في مجتمعاتنا؛ لتوفير وحماية، وبالتالي ظهرت كل النتوءات والمشاريع الصغيرة والمستوردة، التي ظن أصحابها أنها ستوفر لهم ماعجزت عن توفيره الدولة. النتيجة إصطدام تلك المشاريع ببعضها مما يؤدي إلى إضعاف دولنا، نظراً لغياب مشروع جامع. 

مثلاً؛ عمد الرئيس السابق علي عبدالله صالح الى وضع عناصر من عشيرته في كل مفاصل الدولة الهامة، ظناً منه أنه سيحافظ بهم على بقاءه بالرئاسة.
 واليوم نعيش تلك السياسة، فحكام اليمن من أخواننا الجنوبيين استأثروا بكل مفاصل الدولة وشغلوها بعناصر جنوبية، وكان البعد الشخصي مقدماً على البعد التأهيلي في أختيار معظمهم، ظناً منهم أنهم سيحافظوا على ديمومة بقائهم في تلك المناصب، مستغلين ظروف البلد اليوم، وسكوت (وليس صمت) نُخب الشمال وساسته.
الحوثي هو الآخر جاء بمشروع عنصري طائفي سلالي، وبغلاف ديني مذهبي، وتدجيل وإفتراء على الله ورسوله. وبقصص وخرافات وخزعبلات وبأفكار مشوهة، وعناصر فاسدة وجاهلة، إختطف السلطة "الشكلية" في اليمن. النتيجة تدمير لليمن ولإتباعه على حد سواء.
ونلاحظ أن تلك المشاريع الصغيرة تؤتى وتُغتال من قِبل من ظلموا بهم الناس من المقربين والفاسدين.

اليوم، نعيش إرتدادات ونتائج قرار الرئيس الأمريكي السيد دونالد ترامب القاضي بمنع اليمنيين من دخول الولايات المتحدة. قرار نراه عنصري وخاطئ. قرار دفع بالمواطن الغربي (مسيحي ويهودي وغيرهم ) الى التضامن مع المبعدين. تضامنهم جاء لحماية أنفسهم وقيمهم وقوانينهم؛ ونصرة للإنسان وليس للدين.
الجديد والملفت هو توحد كل أبناء اليمن في المهجر ضد ذلك القرار. لوحة فسيفسائية رائعة، رسمها جميع أبناء اليمن. جموع يمنية توحدت لمعارضة قرار مس وهدد حاجاتهم في الحياة الكريمة. قذفوا بخلفياتهم الحزبية والمناطقية والمذهبية خلفهم؛ وتجمعوا تحت شعار واحد للمطالبة بحقهم في الحياة الكريمة وحرية الحركة والتنقل.
ولذا؛ ولكي ننجوا؛ علينا البحث عن مشروع وطني جامع؛ يستظل تحته كل أبناء اليمن، ويوفر ويحمي حقوقهم ويساوي بينهم. 
بدون ذلك سنظل نتصارع على كل شيء وبكل شيء. 

بإيجاد مشروع جامع ستتلاشى المشاريع والكيانات والفرق الصغيرة. ستنتهي المشاريع الأسرية والعشائرية والمناطقية والسلالية. بتحقيق عوامل إيجاد الحياة الكريمة بحدها الأدنى؛ ستهدئ النفوس وستخفت أصوات النعيق، وستضمحل خرافات وقصص الإصطفاء و"السلبطة" على الرسول وعلي وفاطمة والكرار.

تحية للأخ الرائع جلال الصلاحي؛ الذي أستطاع أن يلفت أنظار الكثير الى قضايا تهم المغتربين اليمنيين في الولايات المتحدة. والشكر موصول لكل الجاليات اليمنية في دول الغرب على تعاضدهم وتوحدهم ورسمهم لصور تلاحمية رائعة؛ تعكس سمو وأصالة الإنسان اليمني الحقيقي. 
قرار ظالم وحد اليمنيين؛ ودفع بالكثير من غير المسلمين للقراءة والبحث والتمعن والتفكير في الدين الإسلامي النقي.
شكراً سيد ترامب.