عبدالوهاب طواف

عبدالوهاب طواف

سلالية الحوثي ومناطقية الجنوب

2016-12-24 الساعة 18:20

عُقدت ندوة سياسية قبل أيام في ديوانية بإحدى دول الخليج. دار النقاش حول مشروع إيران في المنطقة، وتم التطرق إلى مسالة تذمر معظم أخواننا الجنوبيين في كل لقاءاتهم في الخليج، مرددين أن الشمال هو المسيطر على اليمن. فدُعيت للمشاركة في النقاش.

"أمامنا قضية أهم وذات أولوية قصوى لنا ولكم وهي إستعادة الدولة، ومن ثم يتم الحديث عن شكلها لاحقاً"؛ هذا ما رديت عليهم. وعلى ضوء ذلك قمت بنشر قائمة بالمناصب القيادية لليمن الواحد وشاغليها من الشمال والجنوب في صفحتي الشخصية بالفيسبوك وتويتر خلال اليومين الماضيين.

الهدف من النشر هو إرسال رسالة إلى العالم بإن اليمن اليوم يحُكم من قِبل أخواننا الجنوبيين بنسبة 70% كحسبة عددية من مناصب الدولة و 90% كتأثير سياسي في صنع قرار البلد؛ مع بقاء الشمال متفوق في الناحية العددية في الكادر الوظيفي بسبب عدد السكان الذي يميل لصالح الشمال.

س. كانت أغلب المناصب القيادية لدولة الوحدة مع الشمال قبل 2011، فهل حافظت على الوحدة؟

س. اليوم معظم المواقع القيادية لدولة الوحدة مع الجنوب؛ فهل حققوا الإنفصال ؟

الجواب لا.

المحزن أن أخواننا الجنوبيين اليوم هم حكام البلد بإكملها؛ وبنفس الوقت يمارسوا سياسة الطرد الممنهجة لأبناء الشمال من الجنوب؛ وحتى الوزراء غير قادرين على دخول الجنوب.! في حين أن أبن الجنوب معزز مكرم في طول وعرض الشمال حتى في مناطق سيطرت الحوثيين. والمستغرب أن مسئولين دولة الوحدة من الجنوب يعملون بصورة واضحة وجلية لصالح اليمن الجنوبي وتحت علمها، ويطرحون في كل مقابلاتهم الرسمية مع الخارج أن الشمال محتل للجنوب.!

هذه معادلة عجيبة وغريبة وغير مقبولة.

في الحقيقة أن الجنوب ظُلم وهُمش في السابق ولم يُراعى أنه كان دولة مستقلة وبمساحة ضعفي الشمال.

اليوم قام الرئيس هادي بتعيين معظم قيادات الدولة من الجنوب؛ وهمش الشمال ولعل في ذلك رسالة طمأنة للجنوب بإنهم اليوم في غير حاجة للمطالبة بالإنفصال إلا أنني أرى أن إنصاف الجنوب بظلم الشمال ليس حل وغير مقبول؛ وإنما فتح جبهات توتر جديدة. مع العلم أن غالبية تعيينات الشرعية لم تكن بمعايير كفاءة أو حزبية أو حسب التأييد للشرعية بل كانت بمعايير عشائرية وشخصية وجغرافية للأسف؛ وهذا العبث يمثل أكسجين نقي لإستمرار الإنقلاب وتغوله. وكان بإستطاعة فخامة السفير أحمد بن مبارك الإستفادة من خِبرات خيرة رجالات اليمن المتواجدة والمنسية خارج اليمن، خصوصاً أن السفير أحمد يعتبر أذكى وأهم شخص في جهاز الشرعية كما أشار الى ذلك العالم الصيني شينغ ينغ في كِتابه الأخير "رحلة الضياع الى القطب الجنوبي".

إن وحدة 90 هي محصلة للصراعات على السلطة في الشمال والجنوب؛ وحرب 94 كانت نتاج أخطاء التوقيع على وحدة إندماجية بتسرع وعاطفة. وماحدث في 2011 هو ثمرة أخطاء حكام ماقبل ذلك التاريخ. وتسونامي 2014 هو مولود مشوه وغير شرعي لمحاصصة حكام مابعد 2011. وكارثة اليوم هي محصلة طبيعية لممارسات وإخطاء وعنصرية وسلالية حكام 21 سبتمبر 2014 وإفرازات كل الماضي.

صالح والمؤتمر والإصلاح والرئيس هادي كلهم مارسوا الإقصاء والتهميش والظلم. أما الحوثه فقصتهم قصة؛ فحتى اليوم مازالوا معترضين على الخلفاء الراشدين!.

اليوم الدماء تًسفك في كل مناطق اليمن، والجوع حط برحاله هناك، ومن العيب أن نجد هناك من يسعى لإطالة الحرب في الشمال وتهميشه وظلمه؛ مستغلاً إنقلاب الحوثي وحالة الحرب وعدم وجود رأس جامع للشمال، أو محاولة البعض الإبتزاز بنفس مناطقي للوصول إلى السلطة.

لنستعيد الدولة ومن ثم نناقش شكلها وشخوصها، وأعتقد إنه لا يوجد مكسب للشمال اليوم في بقاءه بالوحدة الحالية؛ أو أن الحل بالمضي بمشروع الأقاليم مع إعادة النظر في التقسيم.

معالجة مسألة الإقصاء والتهميش لبعض المحافظات يكون عبر مشروع وطني يحفظ حق كل مناطق اليمن في التوظيف الجديد؛ وفي القبول في الجامعات والكليات العسكرية. ومن الخطاء اليوم معالجة تلك القضية عبر توظيف أشخاص من تلك المحافظات المحرومة والدفع بهم مباشرة الى المناصب القيادية في اليمن. التأهيل والكفاءة والمعرفة اليوم مطلوبة قبل التحاصص الحزبي والجغرافي، والخِبرة قبل الخُبرة. فمثلاً لا يجوز مساواة تعز بعمران؛ أو إب بالبيضاء في تقلد المناصب. المساواة هنا فيه ضرر لليمن ككل. والمصلحة العامة مقدمة على التحاصص الجغرافي والحزبي. تعز وإب هما مخزون اليمن البشري والنوعي ( التأهيل والتدريب والخِبرة) ويجب أخذ هذا بعين الإعتبار . وكذلك الحال في الجنوب؛ لا يجوز مساواة عدن أو حضرموت مع أبين أو لحج؛ فعدن سنام الجنوب من حيث التأهيل والكفاءة وحضرموت أمة بذاتها.

هناك دمار عميق أصاب اليمن في العمق نتيجة المحاصصة الجغرافية والحزبية والمناطقية والسلالية. ولذا فالتصدي لمشاريع السلالية بالشمال والمناطقية في الجنوب مهمتنا اليوم وهي أولوية قصوى للجميع، فإيران تستند في حربها المفتوحة في المنطقة على السلالية والمناطقية والمذهبية في إشعال النيران.

كما يجب على أبناء الشمال البحث عن صيغة جامعة لمستقبل الشمال، فلا يجوز ترك الأمر رهينة عواطف وممارسات قيادات وشعب الجنوب. وهناك من يطرح بضرورة المسارعة بعقد إجتماعات لنخب سياسية شمالية لوضع خارطة طريق لمواجهة كل الإحتمالات القادمة من الجنوب؛ وهذا مانرتب له اليوم.

اليوم يجب الوقوف ضد مشاريع الإقصاء والتهميش والإبتزاز والظلم والتحاصص الحزبي والمناطقي والسلالي في كل اليمن ومن أي جهة كانت؛ والعمل على إستعادة الدولة، وذلك قبل أي شيء آخر.

حفظ الله الجميع.