محمود ياسين

محمود ياسين

أنا الدكتاتـور !

2016-09-06 الساعة 23:13

معضلتي مع المكان هي انني اجبره على مزاجي 
ينبغي على إب ان تكون حزينة الليلة ليس لأنها فوجئت بهذا كله ولكن لأنني حزين 
انا الدكتاتور الذي يرقص اشجار الساج في ليل الدنوة على مبدأ انني بحاجة لاحتفالية الكائنات حول فرحي والا فإن المكان خائن 
في اليوم التالي اذكر الاشجار بتشقق وجفاف لحاء الليالي وادفعها للبكاء . إن مكاني مثل روحي ، شرط ، والا فهو متآمر وضدي ، 
الليلة شوارع اب ساهمة وبلا حماسة لسرد اي شي ، لا نكتة ولا ذكرى 
السلم الحجري بين شارع الاوقاف صعودا الى باب الجديد ، استجاب لذهولي وتقمصت احجار السلم خطى الكاتب المفرغ من حماسة السرد 
سلم فقد ذاكرته تضامنا معي انا الذي سئم الحياة على حساب سرد الذكريات ، 
اقول بباب اتحاد الادباء والكتاب : خلف هذا الباب كان الربادي يخلع حذائه ويحاكم اللا عدل ، يتمطى الشارع غير مكترث ويردد الجدار الاخير : الربادي كان ابنا لأناس طيبين 
بباب جامع الاسدية رويت كيف احتال على الفلاحي على عقوبة ابيه اذ القى عليه القبض متلبسا بالتدخين أيام كانت السجارة هنا عيب وكان معاهم دكان بباب الأسدية وكان علي يدخن فرفع اصابعه بوجه أبيه والسجارة التهمة بين الاصابع صارخا : هذي سجارة واحد دخل يصلي بالأسدية ، لم يضحك احد غير رجع صدى من ماضي المدينة يضحك عليا أنا الذي أحاول استعادة زمن المرح لحظة حزن كهذه، اللحظة التي قررتها انا وتراجعت عنها ولم تكترث الجدران ، 
من الشباك اغنية لعبد الحليم ، موعود معايا بالعذاب يا قلبي ، في كل حارة ثمة فتاة وحيدة ، ليس لأنها اقل جمالا ولا لكون الايام لم تمنح الطرف الكحيل رجفة قلب مراهق ولكن هكذا هو المكان يختار على الدوام فتاة ويبقيها وحيدة تسمع اغنية وتغبش الزجاج بأنفاس يتعرفها اخر المارة 
من يكترث لكوننا استأجرنا غرفة عند المهتدي " مؤجر غرف الطلبة الأشهر " ، ما الذي قد يترتب على سرد ما حلمنا به في تلك الغرفة وأي الصباحات تدحرجت عليها تلك الاحلام في صميم السلم الحجري ؟ 
السلم الدرج الذي لا يبدو انه يذكر أي واحد منا أو يذكر كم كانت بنطلوناتنا اقصر من الوجود ،
امضي قدما بلا حماسة ، لا تملق للروائح ولا تلك الغنائية المعتادة التي جرئتموني على تردادها بالتصفيق 
ماالذي يعنيه انني اتقدم المشهد الأدبي يا Salma Salah Aldien وفقا لتعليقك الاخير على ما كتبته البارحة ؟ 
لا تعرفون سلم ، انها قاصة ولدت بين النيلين الازرق والنيل الاخر الذي جعل من سلم وريثة كل قلب لمدرس سوداني علمك الخط وابتسم لك وغاب في ادغال الخرطوم المدينة الملاك ، بقيت تكتب للسجان من ركن بيت مدرس الخط الذي رحل تاركا للعالم سحبات الحروف وترك سلم ، بقيت من هناك من ركن البنت اليتيمية في ذهول الخرطوم تكتب للسجان في إب : امنح محمود سجارة بعد التعذيب ، فاض دمعي يا بنت سقيا ليل النيل . 
نكتب يا سلم ، المزيد من السرد يا سلم ، السلاسة التي تقولين انها نضج المشافهة ، لا يمكنها الان القيام بشيئ وقد امسيت انا والزقاق بلا شفتين ولا صوت 
وحدها الأحجار يا سلم تضمر ما يتخطى الاعيب السرد وغوائل الذاكرة .
غدا يا إب سنجد ما نخبره لبعضنا ، فقط علينا تخطي هذه الليلة 
وفي الصباح ستكون الأمور أقل سوءا .

 

* من صفحة الكاتب الشخصية على الفيسبوك