يحيى البرعي

يحيى البرعي

طغاة .. بأسماء الملائكة..!

2016-01-18 الساعة 15:54

يعتقد الكثير منا أن "الطغاة" هم فقط من يتحكمون في حياة الناس وأرواحهم بقوة الحكم والمال، ولا يدرك البعض أن ثمة طغاة يتواجدون في كل المجالات التي تهم الإنسان، وربما يكونوا أكثر ضرراً من أولئك الطغاة والمستبدين المشهورين والمعروفين أمام الجميع .

 

لن أتحدث هنا عن "الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد" ، ولن أتكلم عن الذين أشعلوا الحروب في عدد من الدول ، لكني سأتطرق إلى" طاغية"  من نوع آخر، يتسبب في حياة الكثير من البشر ويقضي على حياة الكثير منهم يلبس ثوب الرحمة ويخفي في صدره الجحيم ، يسمونه ملك وهو في الأصل شيطان ، يحسبونه إنسان وهو كائن متوحش لا يمت للإنسانية بصلة رغم انه كثير الاختلاط بهم ، حوّل مهنته الإنسانية إلى شركة رابحة لا يهمه منها إلا كم يجني من المال وكم سيزداد رصيده .

 

ذاك هو "طاغية الأطباء"، ملك الرحمة في الأصل ، ومنبع الطمأنينة في الأساس ، نأمنه على أروحنا  ولا نبالي، نثق فيه أكثر من اقرب الناس إلينا فيزعزع تلك الثقة ، ندخل عليه وكلنا أمل فنخرج من عنده وعلامات اليأس ترتسم على وجوهنا ، انظر إليه كمنقذ فينظر الي نظرة المستثمر لأحد زبائنه .

 

 

اكتشفت هذا النوع عندما مررت بوعكة صحية فاضطررت إلى زيارة احد المستشفيات المشهورة وحجزت عند أحد أطبائه المشهورين ، انتظرته أمام بوابته أكثر من ثلاث ساعات وصل بعدها كنت أول الحاجزين لديه نظر إلى وجهي بتلك النظرة التي لا تطمئن الكثير من المرضى،

وبلمحة سريعة كلمح البصر رأيته يكتب في ورقته ويقرر إجراء أشعة وصفها بالضرورية رغم سعرها الباهظ ، لم اعترض عليه وتوجهت إلى مكان الأشعة بنفس المشفى وعملتها وانتظرت نتائجها ورجعت بها إلى ذلك الطبيب ،

لكني تفاجأت بنظرته الساخرة التي خرجت من عينه  كالسهم وبكلماته التي وصلت إلى قلبي كالرصاص وبكل بساطة قال "كنت اعرف من البداية أن (المك) ليس له علاقة بما كشفت عنه " وعندما سألته ولما لم تقول لي من البداية مادمت تثق بمعلوماتك فتلعثم وغادر دون أن يجيبني بأي إجابة مقنعة  ،

 

وعندها تساءلت كثيرا لمَ هذا التعامل ألستُ إنساناً وهو ملك الرحمة المرسل من أجلي؟؟،

 وتقصيت الأمر وبحثت في الموضوع وعرفت حينها السبب الذي أوصل ذلك الطاغية إلى تلك التصرفات، وهو جمع المزيد من الأموال لتكون نسبته هي الأكبر من بين كل الأطباء ، وحين فتشت في الأمر أكثر وجدته استلم مبلغ ( مائة مليون ريال) كنسبته خلال عام وهي أعلى نسبة للأطباء أمثاله والسر في انه يقرر تلك الاشعات باهظة السعر أو إجراء  العمليات للكثير من المرضى الذين يدخلون عليه .!

 

 

 * زرت أحد الأصدقاء بعد خضوعه لعملية بسيطة في إحدى المستشفيات الحكومية ووجدت اليأس يخيم على وجهه والألم يزداد في جسمه وحين سألته عن الأمر قال لي: "يا صديقي أتعلم أن الدكتور حين وضعني على سرير العملية قال لي بصوت واضح سأعمل لك العملية ولا أثق أنك ستنجو بعدها واحتمال كبير أن تموت ، فتأثرت حالتي النفسية واستغربت كيف يكون لهذا الطبيب أن يخوفني رغم انه مصدر الأمل الوحيد بالنسبة لي،"

فاكتشفت  أن جل ما يعانيه صديقي المريض كان نتيجة حالته النفسية المتدهورة بسبب ذلك "الطبيب الطاغية "

 

 

ولأكون منصفاً مع هذه الفئة الهامة في مجتمعنا فهناك من التزم برسالته الطبية وبذل أقصى جهده لإنقاذ حياة البشر واتسم بصفات ملائكة الرحمة وبعث فينا الكثير من الآمال في حياتنا ، وأعاد إلينا معنوياتنا بعد أن كادت تنتهي ، فلهم من قلوبنا كل الإجلال والتقدير  فانتم الملائكة الذين نثق فيكم ونأتمنكم على أرواحنا .