محمود ياسين

محمود ياسين

الليلة الماضية !

2015-09-27 الساعة 18:43

 أمس الليل كانت صنعاء موحشة اكثر من اي ليلة ، 
مصطفى مستوحش وعلي يتحدث بمزاج كئيب على غير العادة ، الكلب الذي في الحارة لاذ بجوار برميل القمامة ولم يعد ينبح اثناء مرور الصواريخ 
كأنها خزنت سوطي ، صنعاء كانت البارحة مكتئبة حد القنوط 
رسالة من قريبي يوصيني بأولاده انهم في ذمتي ، وانت اين رايح "سألته" فقال : الانسان بين يدي المشيئة 
الانسان بين يدي المشيئة على الدوام غير ان موت البارحة تسلل لرئة صنعاء وجعلها تتنفس بصعوبة بالغة 
لقد تعب الناس ، تعبوا من اللانصر واللاهزيمة ، يتعب البشر من تشييع جثامينهم بلا امل 
الكارثة انه ولا ادري من اين جلب احد المعارف قناعة بأنني اسكر ، لم ادر الا وهو يتصل من باب العمارة ، انزل ، نزلت وكان يتحدث بعينين زائغتين ويقول انا وصلتك ادى لي ربع ، صنعاء الليلة افظع مما يمكن احتماله 
اي ربع ؟ جعل لك ربع صاروخ يشمطك ،
انا يا صديقي وعندما اتندر بالموت فيما اكتب فذلك بعد ثلاجة شاهي حليب ونص بكت سجاره، اطري مهرجانات النبيذ كما يفعل الفقراء عادة وهم يتحدثون عن ماركات السيارات 
نصحته بشراء باور هورس يضع فيها خمس حبات فوار ويشرب ويقعي ويغيب عيونه بتثاقل والمهم النيه .
ثم ان الحوثيين قد كأبوا المصلي وقاطع الصلاه ، ولم يعد هناك مطعم صيني في حده ونسمع ان من يتمكن من جلب هذا المشروب فهو يكن اقرب لزعيم منظمة ارهابية تهرب يورانيوم من احدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق .
عوضا عن ان الثمالة ليست الحل وقد تلقت صنعاء رطعة تطير سكرة قرون لقدام .
لم اكن وحدي مستوحشا ولم تكن حالة انفعال شخصي له علاقة بالديون التي نظن ان لها علاقة بمدار القمر او حركة النجوم ، لكنها البارحة ومن قبلها وشيئا فشيئ ، تنسحب غلالة معتمة ويتسرب الظلام من مداخل الشوارع الى القلب .
لكن بوسعك ان تروي لنفسك تلك النكته ، النكتة التي تتمكن وحدها من جعلك تبتسم ، 
في اعمق وهاد الظلمات وفي المآسي العظيمة ، لكل انسان مفارقة ما مع دنيا تركت له ما قد يجعله يبتسم .