د. مروان الغفوري

د. مروان الغفوري

كما حدث في عدن..!

2015-08-19 الساعة 22:59


استغرقوا وقتاً طويلاً في الدينايال فيز، أو طور الإنكار، حتى اعترفوا ب"ببعض عدن".
انهزموا إلى الأطراف. وهم ينهزمون أقاموا حفلة كبيرة ضد مقاومة عدن التي تقتل الأسرى.
وفي الدوشة تلك نصبوا الصواريخ والمدفعية في العلم وقصفوا البيوت والأسواق عشوائياً. كانت النتيجة: أكثر من ١٢٠ شهيداً من المواطنين ومئات الجرحى.
حدث ذلك تحت غطاء من الدوشة والعك الفارغ حول المقاومة الجنوبية التي قتلت الأسرى..

انهزموا في تعز وهربوا إلى الأطراف. هناك نصبوا المدفعية والهاون وراجمات الصواريخ، وتحت غطاء من الدوشة حول مقاومة تعز التي تصلب الأسرى أطلقوا القذائف على البيوت والأسواق وسقط، حتى الآن، عشرات القتلى والجرحى.

سيستغرقون وقتاً طويلاً حتى يحسوا بالواقع، بالحقائق.
أمس كنت أتحدث تلفونياً إلى عميد في الجبهة الغربية لتعز. قلت له حدد لي، عملياً، امتداد الجبهة الغربية التي يهيمن عليها ويديرها الجيش الوطني مسنوداً بالمقاومة.
قال: من هيجة العبد على حدود الصبيحة في لحج إلى الربيعي على طريق المخا. مسيرة ساعات بالسيارة!

من العلم استطاع الحوثيون أن يطلقوا صواريخهم إلى المطار والأحياء الشمالية في عدن.
ومن الحوبان لا يزالون قادرين على تدمير المزيد من المنازل والأسواق.

ولكن كل ذلك لن يغير في الحقائق شيئا، ولن يعيد الماضي.

غسلت تعز آثار القدم الهمجية. 
استمعت قبل قليل لفتاة من تعز تروي تجربة شقيقتها مع الحرب في المدينة المنكوبة والمنتصرة:

"ظلام دامس، خوف، هلع، وقذائف. قذائف ورصاص. شيئاً فشيئاً همدت الأصوات وسمعت صوت سيارة تسير بسرعة وتفحط، ثم أصوات رجال في ظلام تعز يطلقون الصرخة. أحسست بألم شديد في صدري، كان قلبي ينعصر ونفسي ينكتم. حدث هذا في الليل، في أكثر من ليلة في الأسابيع الماضية.

قبل ثلاثة أيام عاد الظلام مرة أخرى، الظلام والهلع. انفجرت أصوات القذائف وانطلق الرصاص في كل الأرجاء. اختبأنا تحت الدرج كالعادة واستسلمنا لأقدارنا. بعد وقت قصير سمعت أقداماً حافية تجري بخفة أمام البيت. مجموعات صغيرة تلهث وتجري حافية وتتجاوز المنزل. أحسسنا بقليل من الأمان، فحركة الأقدام التي سمعناها كانت بالنسبة لنا مألوفة، ولا نعلم لمن. لكنها كانت حميمة وقريبة، هكذا أحسسنا.

بعد وقت قصير سمعت أصوات فرح وزغاريد.
استطاع الحفاة، الذين مروا قبل قليل في الظلام، تحرير الحي وطرد الحوثيين. خرجنا وزغردنا. كانت الصرخة بالنسبة لنا مثل طبل يبشر بالموت."

بينما نحن نستمع لهذه القصة، ساره وأنا، قلتُ لرفيقتي: 
تخيلتِ حجم الدراما في القصة؟
أجابت: ich bin sprachlos
تعني: فقدت القدرة على الكلام.

مسألة زمن، ويعود كل شيء إلى وضعه الصحيح.

الله كبير.

م. غ.