سام الغباري

سام الغباري

رسالتان إلى تعز وعدن !

2015-08-08 الساعة 01:55

  هل رأيتم .. مثل كل شيء قبيح في هذه الأرض ، يستمر الحوثيون في الاختفاء ، كما تواروا سابقاً خلف كنى كثيرة ، وهم يحسبون لأيام عظيمة كهذه أعادت روح سبتمبر وأكتوبر العظيم ، يختفي الأشرار دائماً وينتصر الطيبين ، تلك سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا ، اليوم أبدأ من تعز التي ما استقر الحوثيون البغاة فيها يوماً ، ولا نالوا منها حظهم الوافر و رغيد عيشهم كما طاب لهم ذلك مع محافظات القبائل الشمالية ، هي عدن أيضاً ولحج و الآن أبين السمراء تتحدث كلها بلغة النصر ،يقابلها على الطريق طوق الساحل الكبير إلى الحديدة والمخا ، هل ترون كم هي الحياة سهلة حين تبدأ بإعتلاء عرش المقاومة ، وترفض أن تكون عبداً لعِـرق لاهوتي أحمق يدعي سيادته البغيضة على كل شيء ، ويخترع نصوصاً أثرية تبقيه في موقع صدارة الأمم الطيبة لندور في فلكه منذ غادر معاذ بن جبل منطقة الجند التاريخية ، حيث تكونت "تعز" من رحم تعاليم سيدنا معاذ ، فجاء شاعرنا معاذ الجنيد ، جزء من الجند و إسمه يحمل أول رسول إلينا ، ولذلك أحببناه ذات يوم وخسرنا لأجله رسائلاً نصية تدعم تفوقه في برنامج مسابقاتي للشعراء المبدعين .

تفوق عِرق معاذ الجنيد على القصيدة ، والحب ، ومليحات الغزل وشواطئ القوافي ، وارتعاشة الفن وهزيم الرعد وانبعاث الصبح وأنين المطر ، نسي كل أوصافه ولغته ومقارناته ومقارباته ، تجاهل أحباءه وأهله وأبناء قريته وأهل مدينته وأصحابه وجيرانه ، ومدنيته ولغته وكل شيء يتصل بإنسانيته ، حمل السلاح ، وغادر في موكب الزامل ، قرع الطبول ، وتذكرنا غزوة بدر الكبرى ، المشركون يدقون أبواب الرعب ويحشدون الإبل والخمر والأنساب والأزلام ورجس الحوثيين ، ثم ماذا ؟ تطايرت رؤوسهم وانتصر الضعفاء بحشود الملائكة التي دافعت عن الرسالة والنبوة والحقيقة ، اتحدت في ملحمة اسطورية خارقة مع كل العوالم الظاهرة والخفية دفاعاً عن نبي العالمين ، عن الطهر والنقاء والسلام والإيمان والمحبة ، عن الإسلام والقرآن والمعجزات واكتمال الأخلاق وعظمة الرجولة ، كل المخلوقات والكائنات دافعت في "بدر" عن الفطرة الإنسانية والقيم المثلى ، والصراط المستقيم ، قاتلت بشراسة جيش الشيطان وخيوله الملعونة وانتصرت بكل ثباتها وإيمانها وصدقها وحقها في الدفاع عن نفسها بإذن الله تعالى ، فبدأ كل شيء منذ تلك اللحظة ، خُـلقنا يوم انتصر أهل "بدر" ، وانتصر الحق وعاد محمد النبي المصطفى إلى بلاده "مكة" بعد حين ، عاد الحق إلى أرض الحق ، حيث بيت الله المعمور يتجلى في الأرض والسماء ، سقطت كل الأصنام ، دُمـر هُـبل وسقطت العبودية بإعتلاء "بلال" الأسود سقف الكعبة المقدسة لتلاوة أول أذان بصوته الندي .

- ذلك هو الفرق ، معاذ لم يعد معاذاً ، والقيرعي بديلاً عن بلال ، وعبدالملك الحوثي نبياً .. ماهذا القرف ؟! أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ، هؤلاء لصوص وحمقى كانت أخلاق قريش على ضحالتها أسمى منهم وأقدر وأعرف ، انهم جوقة "المسيرة القرآنية" التي أضلت سبيل الرشاد ، وعليهم تدافع شمال الشمال اليمني بأسلحته نحو بوصلة الجنوب التي ألفوها مذ تحققت وحدة الشطرين اليمنيين في 1990م ، وعلى قدر ما راعهم مافعلناه بعد أربعة أعوام ، إلا أنهم سامحونا سريعاً ، وظل "الحوثيون المستترون" يرددون بألم وينبشون بغضب كل القبور التي دفنها عام الانفصال الحزين ، ولما أقبل العقد الثاني من عام الوحدة اليمنية ، تفككت أجزاء المتحالفين القدامى ، وظهر الحوثيون بوضوح ، كذبوا حتى ضاق الكذب منهم ، واستولوا على سلاحنا وجيشنا وغادروا كل مدننا ، تحركوا بالعتاد الذي شاهدناه في التلفاز وفي مخابئ المعسكرات إلى الجنوب ، و إلى تعز !.

- في مدينتي سقط الصمت كوباء ، وصُـدمت كل الأزقة ، واعتلت الوجوه ابتسامة قلق هارب ، ومنها توزع الأوغاد الذين في الأرياف للقضاء على حواضر المدن ، وتوحشت سبلهم ووسائلهم ، اندفعوا كما فعل المشركين في "أحد" ، وانتصروا للحظة ، صرخ الأبرياء بفم ممتلئ بالدم والأنين ، الله مولانا ولا مولى لكم ، تعرضت عدن لتسريب حوثي من مناطق الشمال يفوق عدد سكانها وهي أكبر كارثة حدثت في تاريخها المعاصر ، عاشوا في ذلك الواقع المزمن مع مجيء الحوثيين ، ولم تكن تدرك بقية البلاد ما يحدث ، بعد فترة لم يجد السياسيين ما يقولونه ، تواصلت معاناة الناس ، وانطلقت المقاومة من شباك الصيادين ومعدات عمال الصيانة ، من بين كل أزقة كريتر العبقة ، من بيوت المعلا ، و شوارع خور مكسر ، من تاريخية التواهي ، استجمع العدنيون الأحرار رقتهم وطيبهم ، وأغاني الدكة وسماحة الصوفية ، خرجوا بأجسادهم وقصات الشعر المزخرف ، تصدوا لمشروع الهمجية المتأصل ، دافعت عدن عن الدستور والقانون والإنتخابات والشرعية ، والديمقراطية ، ومخرجات الحوار الوطني ، أرادت أن تقول لنا أن دمها أنقى من سلالات أحفاد أبوجهل ، ولحمها مُـر وعزيمتها تقارب إيمان الصحابة الأوائل ، تلك نبوءة عدن ، وفروسية تعز لما تدافع عن الرسالة المحمدية الأصيلة ، منها انبعث نور الإسلام ، و شهد أول المسلمين ، ووصل أول رسل المبعوث رحمة للعالمين ، قالت تعز لفتى قريش الضال ما يكفيه ليعرف أنه مخادع آثم وشرير ، حاول استنساخ مسيرة الأنبياء ، فحصد لعنة الظلم ، وعبرة فرعون ، لا يستطيع أحد أن يعلم تعز كيف تصلي أو تصوم ، لا أحد يستطيع أن يرفع رأسه أمام تعز ، فمنها تمدد حلم اليمن ، ومنها أكلنا وشربنا وتعلمنا ولبسنا وغنينا ورددنا نشيدنا الوطني ، منها توحدنا وثرنا على الطاغي ، منها انبعثت تجليات الحرية ،ومنها احترقت قلوب العذارى ، ورسائل العشاق ، من يكره عدن أيضاً ، من يقول عن تعز شيئاً بغيضاً ؟ ليس هناك شرٌ أكثر من الحوثيين ولا سواهم يريدون لتلك الحواضر المدنية الأصيلة في التاريخ اليمني استمرار نزفها ونشيجها وانقسامها وزرع فتنة الحياة في داخل شرايينها الحية .

- اليوم .. أنا لست صحفياً ، أكتب رسالتي إلى تعز وعدن من منفاي الإجباري ، اتحدث كجبان لايملك سلاحاً للمقاومة سوى عباراته المرتبكة ، اكتب بخجل أمام كل الرجال الذين صمدوا وقاتلوا وآمنوا أن المليشيا الطائفية لن تحكم اليمن العظيم ، أثق أن هذه المقاومة التي انطلقت من كل زاوية وركن ، وحاصرت عنق الاوغاد الذين اقبلوا اليها غزاة بربريون بلا أمر ولا دولة ولا رسالة قادرة على حماية مستقبلنا وحياة أولادنا ومصيرنا كعائلة مس الجنون زعيمها ، وما طلبت عدن أو تعز يوماً شيئاً لنفسها أو استأثرت بعلمها علينا ، لقد بذلوا من أجل هذه البلاد في كل قرية ووادٍ ، وأولادهم اليوم يحتاجون إلى مساعدتنا ، يريدون التزاماً من قبائل العار التي أرهقتهم بصبيتها المغدورين ، ونزعة كل شيء قبيح ، لن نساعدهم على إعادة البناء وحسب ، سنريهم أننا إلى جانبهم ، مثلما فعلوا لنا دائماً ، كل ما أعرفه وأحبه في عدن وتعز في خطر ! ، عزوز السامعي ، طارق البنا ، أنور نصر ، جلال الشرعبي ، سلمان الحميدي أصدقائي جميعاً ، أنا منكم ولست أنتمي إلى الغزاة المحليين الذين يحملون الكراهية وأنفاس مسيلمة ، أنا انتمي إلى صبر ، و شرعب ، وماوية ، أسكن شوارع الحب ، أنمو مثل مشاقر الرأس ، كثيرون مثلي في وطني المسلوب من وجع العصور ، يشعرون بكم ولا يملكون شيئاً ، حتى الإعتراض على قوافل المجانين الذين ينسلون من بين جنبات المنازل الصماء ، ومن كهوف الظلام ، لن نستطيع منعهم ، قاومهم وحسب ، وثقوا أني معكم ، سأكتب بدمي وعيني ، سأزف بشائر النصر المتصاعد ، سأتحدث بكل حماس وأناقة ، سأرفعكم إلى المجد ، وأسمو بكم ، افاخر بصبركم ، وتعاضدكم ، تلاحمكم المدهش ، قدرتكم على الضحك وسط غابة البكاء والدمار ، تفاؤلكم بإنسانية الخلق ، بعدالة القضية ، وقدسية المشروع المدني الجميل ، أنتم الثورة والحلم ، قادة الأمة وطيفها القزحي الجميل ، براءتكم تمزق ظلمنا وتُـرسل النور من عتمة ظلامنا ، أنتم أصل الرسالة والمسيرة ، وبكم نقتدي ونهتدي .
.. والى لقاء يتجدد