سام الغباري

سام الغباري

★ لست خائنـاً ★

2015-05-16 الساعة 04:28




- يشدو "مارسيل خليفة" عن الحنان ، فيقصم ظهري ! ، يتآوه كعصفور جريح ، و يغرد كبلبل حائر .. أشعر به في قفص الاغتراب ، أراه يلعق دمه النازف ، و عينه تأسى على مشاهد الاحتلال إذ يفرض أسواره على أرضه ووطنه .. فينشد : أحن إلى خبز أمي ، وقهوة أمي ، ولمسة أمي ..! ، فيقفز القلب من ضلوعه مستشعراً إنتماءً حقيقياً واعياً لوطن سليب ومخطوف ، وأنا بلا أم ولا وطن !.


- يمنحني الحوثيون البرابرة رصاصة تخترق نافذتي وتكاد تقتل أختي الطيبة ، وطفلتها ، و يأتي "مجاهدهم" اللعين لاطلاق رصاصات أخرى الى زجاج حانوتنا ! ، هذه رسالة جديدة إليّ بعد خروجي من سجنهم المرير ، سنقتلك إن لم تصمت ! ، حاولت أن أغضب ، وعلى التو وصلتني رسالة نصية من محافظ مدينتي يهددني فيها ، و شيخ بليد آخر يقول لي أني لا انتصح ولا أفهم ولا أعي ، وأن الموت خياري القادم .


- يقولون لي : مُـت شهيداً ! ، لا أريد أن أموت برصاصاتكم .. سأشعر بالخجل أمام الله ، وأمام والدتي ، حين أصل اليهما معلقاً على رقبة "حوثي" أجرب له رائحة بردقان نتن ! ، أشعر أن الله سيغضب مني و يدفعني إلى النار ، فلا يجوز أن يكون مثل هؤلاء الصبية الأغبياء خصوماً لي يوم القيامة ! .


- كنت سجيناً ، مقهوراً ، خانني الجميع ، حزبي واصدقائي ، قبيلتي ورفاقي إلا القليل .. و من الوفاء أن أرى الحشود العظيمة التي خرجت لأجلي تناصرني كمظلوم زائغ ، و جلها من عناصر "الإخوان" المتعاضدين كعائلة ، والمتحابين كأسرة ، وقد كنت أول من مزقهم بقلمه ، فلم يحفظ لي أحد جميلاً ، أو معروفاً في معركة الربيع .. تركني حزبي للذئاب ، و هرب الجميع ، حتى أنهم جاؤوني الى سجني إمعاناً في اهانتي واذلالي ودعوني للاعتذار من سيد الكهف على قناة "المسيرة" لقاء حريتي ! ، لن أفصح عن أسماء من فعلوا ذلك ، لكني حزين فعلاً على كل السنين التي أبليتها مخلصاً ومؤمناً بنبوءة حزب كان مخادعاً كـ "مسيلمة" ، و عذباً مثل " سجاح" الفاتنة ! .


- خرجت من سجني الى الشارع ، أخذ الحوثيون سيارتي ، أوقفوا راتبي ، لاحقوني برسائلهم و تهديداتهم ، لا تكتب ! ، سنقتلك أيها العنيد ..! ، صرخت مجدداً من سيحميني ؟ ، كنت عارياً .. مرتعشاً كفتى بريء سقط في قطب "صعدة" الشمالي ، فأكله دب المحيط الأسود ، وأخترق جسده بأنيابه الحادة ! .


- أنا بلا دولة ، بلا رجال ، بلا حزب ، بلا أحد .. سوى الكلمات التي يسقطها أعضاء حزبي على "فيس بوك" خجلاً من أعين الناس ! ، كنت وما زلت طريداً .. فهربت ، نجوت بجلدي ! ، رفضت أن أموت برصاص مجهول أحمق ! ، و جلست مع ربي ، سجدت وأقتربت .. ناجيته باكياً ، واستخرته ، فأطمئن قلبي وهاجرت مثل أي صحابي مهذب .. قلت على قناة "اليمن" الفضائية ما يدعو لعودة روح الميثاق الوطني الى جسد المؤتمر الشعبي العام ، فصرخ الجسد المسكون بعفريت الحوثي ، أنت خائن .. !


- أنا خائن ! ، لا بأس .. ليكن ذلك ، لكني لست قاتلاً .. وهذا ما يهمني الان ، لست ناهباً ، لم أسرق سيارات الدولة ، و عربات الاسعاف ، لم أقتل الجنود ، لم أجلس على كرسي القائد الاعلى للقوات المسلحة وتحت قدمي جثة ضابط قدير مزقته رصاصاتي ، لم أغزو عمران وعدن وتعز وشبوة و أفجر بيوت الخصوم ، أو احتلها بوقاحة تتبرأ منها أكثر الجماعات الارهابية صفاقة وانحلالاً .


- أنا لم أقتل "القشيبي" ، لم أذهب لمناورة حربية مجنونة ، لم أقف أمام حدود جيراني لأهدد بغزو بلدانهم ، ثم أبكي كمحتسب مظلوم ، وألطم خدي عويلاً ، إنها حرب ، والحرب تأكل كل شئ .. والفتنة هكذا .. راقبوا "الزير" و أحقاده ، لو أن أحداً قتله ما توسعت حربه وأهلكت كل شئ و أوصلت الدم الى كل دار و عائلة .


- أنا لست لصاً لأنهب أموال الدولة ، وخزائن البنوك ، وأطفئ الكهرباء منذ 60 يوماً ، أنا لم أدعو إلى الحرب ، لم أساق الى الموت كغبي جاهل لا يعرف لِمَ يموت ، أنا لا أخون أمي .. لكنها جائعة .. ومختطفة ، أسيرة حرب حمقاء ، جارية بيد السيد .. وهي حرة ، لم تكفكف دمعها مذ صادر "الحوثيون" أرضها وعاصمتها و بلادها ومدنها ، أبناؤها الصغار في جحيم الموت وعلى صفوف القتال يؤخذون من كراسي المدارس إلى متارس الحرب ، ويأتي من يقول عنهم بناة دولة مدنية !.


- من إستل السيف .. لا يقتل بغيره ، هكذا يقول المسيح لرفيقه الحواري ، و هكذا يقول لنا الانبياء جميعاً ، السيف مذموم ، و الحرب ممنوعة بأمر الله ، و الدم مكروه ، والروح قديسة ، فمن ينتهك كل هذا ؟ من يخون أرضه مع "إيران" ؟ من يطرد كل الطائرات إلا طائرات "فارس" ، أنا أم الحوثيين !


- إنها اللعنة .. لعنة فرعون الموصوف بالطاغية ، و "فرعون" اليوم صار مسلماً ، هذه هي الكارثة ، صار له ملازماً وكنية ، تدثر بعباءة حزب عظيم كالمؤتمر الشعبي العام ، و قبلها كان يصلي في محراب "الإخوان" ، و بعض أشياعه تنادموا مع رفاق الشيوعية بالشراب المحرم ، ليس لديه شئ أو قيمة سوى أن يكون طاغية و مستذئب يشبه أفلام الرعب ، ويظهر على القرية الصغيرة ليأكلها واحداً تلو آخر ، إلى أن يكتشف الجميع أن الأب هو ذئب القرية المتوحش ، فيقتله شاب وسيم وتنتهي القصة التي ما أنتهت في وطني ، فكل من عضه الحوثيين امتلئ مثلهم حقداً وتحول الى مستذئب مع أول ظهور لقمر المساء .


- الحوثيون يعضون أفراد حزبي ، ولا بد أن يحقنهم الأطباء بمصل النجاة قبل أن يظهر القمر ، فيصبحوا مستذئبين و يتحول وطني إلى غابة من الذئاب ! .. أنقذوا أهلي ، وأعيدوا لي وطني ، هل يسمعني أحد ؟


.. والله المستعان
* 16 مايو 2015م