سام الغباري

سام الغباري

هذه الحرب ليست حربــي !

2015-05-13 الساعة 19:36

 

 

- أيها الوطنيون .. قولوا لي شيئاً عن الوطن ؟ ، أين هو ؟ ما هو ؟ ممَ يتكون ؟ كيف تكون تفاصيله و عناصره وأشياءه ؟ ، دعونا نبدأ بالمنطق ، لنتحدث عن جروحنا و آلامنا .. عن وطننا المخطوف ، وعن كل شيء يقودنا إلى الحل ، بعيداً عن الحماسة التي لا تصلح إلا في تصريحات أفراد العصابة !.
- ما هو تعريف الوطن لدى الحوثيين ؟ ، إنه كُـنية و ملزمة ورقية ومحطة بترول و "شاص" و قليلاً من "البردقان" ! ، هذا ليس وطني بكل تأكيد ! ، إنه حالة مختصرة للنهب الحوثي لكل شيء في البلد ، فالوطن ليس جزيرة نائية ، و ليس صحراء يسكنها الريح ، إنه أرض شاسعة يقطنها الناس وتجب فيها المواطنة المتساوية و الحقوق والعدالة والقيم و كل هذه المصطلحات تتيبس حين تُـسلخ عن جسد المواطن و ترتديه جماعة رديئة كالحوثيين ، قطعوا كل أسباب الوقود ، و لم يخجلوا لأن الكهرباء لا تصل إلى البيوت و الأسر اليمنية منذ 50 يوماً ، و لم يراق لهم حياء وهم يتحركون بعرباتهم و كل الشعب يذهبون إلى أعمالهم راجلين ، لم تصدمهم مناظر الطوابير الطويلة لإنتظار الغاز والوقود و القمح والدقيق و الدواء .
- أولئك الوحوش لا يبحثون عن بدائل ، لا يئنون لأنينك ، لأنهم لا يهتمون ! ، سلكوا أيسر "الجهاد" و هو أن تشتم أميركا ، و تقتل المسلمين !، بالنسبة لهم لا مسلم إلا من كان معهم ، و ما دونه منافق ، و داعشي ، و إرهابي !، أوصافهم التي يطلقونها على الآخرين تتوالد كالأرانب ، و يمكن أن يستبيحوا بيوت الآخرين و يهدمونها على رؤوس ساكنيها لأنهم "أتهموا" بالعمالة و الخيانة بحسب معاييرهم ، دون أن يملك المتهم حق الدفاع عن نفسه ! .
- الحوثيون يملكون جهازاً قضائياً خاصاً بهم ، و أعضاء نيابة خاضعين لهم ، و شرطة سليـبة يقودونها كالبعير ، و مسؤولون بلا قرار صاروا كفزاعات الحقول ، ترعب الطيور الجائعة ، وهي مخلوق من القش و الخرق البالية ! ، يقول صديقي : عن سيارته التي استخدمها الحوثيين لنقل مجاهديهم إلى قرى الفقراء أنها كانت مخصصة لإسعاف الجرحى ، فنهبوها كـ "غنيمة" و اقتلعوا صفارتها المدوية ، و لوحاتها و أزالوا كل معالمها و أدواتها الإسعافية ، و تحركوا بها في كل الطرقات دون أن يسألهم أحد ، هذه لصوصية وقحة بإسم الله .
- السعودية ليست عدواً .. و كل المحاولات البائسة لجعلها كذلك ستنهار أمام كمية الوعي التي تتخلق الآن في رؤوس اليمنيين الجوعى و الجرحى ، ستندهش مع كل قذيفة يطلقها الحوثيون على رؤوس سكان تعز و عدن و شبوة و أبين و إب ، و مع كل طلقة رصاص تخترق بيوت الآمنين و المعارضين ، و مع كل طفل يموت تحت أنقاض الحرب التي أدخلنا فيها الحوثيين مكرهين ، فالمعارك التي تخاض بإسم الشعوب الآن ، مغامرات دنيئة تتحدث عنهم دون أن يملك الكثير خياره برفضها أو توقيفها ، أو مد يد السلام لتضميد الجرحى و لملمة ما تبقى من غبار الفوضى التي يستحلي الحوثيين التحرك في محيطها دون أن يصابوا بالخجل أو الحرج .
- ما زالت السعودية تدفع لنا من رزقها و نفطها و قوت أبنائها ، كما تدفع لمئات الدول و الشعوب ، هناك 3 مليون مغترب يمني بداخل المملكة يعيشون على نفقة أهلها ، و يعملون بجد و كدح و هم بلا مؤهلات !، و لا يعني السعوديين أن يعيشوا أو يموتوا ، لكن حقوق الجوار تدفعهم إلى استيعاب كل أولئك العاملين بشرف و صمت ، و مع ذلك فالحوثيين لا يحفلوا بأمر عيشهم و أرزاق من يطعمونهم .. إذا احتسبنا أن وراء كل مغترب خمسة أشخاص يأكلون من تحت يده ، فذلك يعني 15 مليون يمني يعيشون حياة جيدة بفضل المغترب ، فهل يهتم الحوثيون لكل هؤلاء ! ، بالتأكيد لا ، و بصراحة قاسية فإن جائحة الجماعات الدينية التي غزت البلد السعيد أحالته إلى أطلال ، و شردت أهله ، و دمرت كل شيء يتوجب على كل متطلع يريد حكم اليمن أن يكون مسؤولاً عن حاجيات أمته و أمنها و أرزاقها .
- أنا الآن في عدن .. أشاهد الموت ظاهراً في كل الأزقة و العيون ، أنا من الحديدة التي أغلقت أبوابها و خسرت تجارتها و أستلقى أفرادها على الشوارع بلا عمل ، و الحر يقذف بالسكان إلى الطرقات المظلمة ، و كل الحوثيين في قصور الدولة و منشئات الوطن ، ينعمون بربيع النهب ، و بكل شيء يمنحهم أسباب السعادة و التحرك بمال الشعب و من جيوب دافعي الضرائب .
- - هذه الحرب ليست حربي .. بلى أقول ذلك ، و أرفع إصبعي في عين كل جاهل لا يعي .. و أهتف صادحاً متألماً لأستذكر معه مغامرات كثير من قادة العالم النازيين و الفاشيين و الشيوعيين إذ أوصلوا بلادهم إلى الذبح و إتخاذ قرارات الطعن و القتل و الحروب دون أن تمتلك شعوبهم خيار الرفض ، أو الممانعة .. قاد أولئك البغيضون أممهم إلى الدمار ، و فجأة امتلك الضعفاء وعيهم و استعادوا قرارهم ، فأنتحر هتلر ، و تعلق موسوليني و عشيقته على خشبة تعذيب في ساحة عامة ، و هرب غورباتشوف الغبي إلى الغرب بحثاً عن نظريته الفاشلة .
- لا يريد الحوثيون أن يشاركوننا في "غنائمهم" و عرباتهم و أشيائهم و مباني الدولة وأراضي الاوقاف ، لا يريدون اطعامنا مما يأكلون .. لا يريدون مشاركتهم في سياراتهم ومدرعاتهم و قمحهم وأغذيتهم التي يسوقونها علناً إلى بيوت أنصارهم لتخزين مؤنهم وتركنا بلا كسرة خبز ، ذلك هو وطنهم السعيد ، و لنا الحزن والأتراح و الفتية المجاهدين ! ، يتحدثون بضمير الجماعة حين تلتهب سماء صنعاء و تدك حصون صعدة و مخازن الذخيرة ، و يشيرون بأصابعهم إلى صدورهم لما يأكلون نعيم الضرائب و الأسواق وعائدات الزكاة و يجعلون المال وطناً .. يقتلعون دراهمه من عيوننا و من محاجرنا الباكية ومن حصارنا الذي أودى بملايين إلى الهلكة .. هذا الوطن ليس وطني ، وهذه اليمن ما عادت تصلح للعيش والتكاثر إلا في حدود الضفادع والحوثيين ، هذه الحرب ليست حربي ، وهؤلاء الصبية المختطفين من مدارس التعليم الأساسي ليشاركوا في الحرب القذرة ليسوا أهلي .. هناك الكثير من الأسئلة المحرمة التي تقودنا إلى اليقين ، وأنا لست خائنا ، لكني خائف ومرتعش .. أطفال آنس و عمران و مجانين مران يطوقون منزلي ، يدكون كرامتي ، يسحقون رزقي بأقدامهم و يتظللون بمكاتبات الدولة الهشة لتبرير عدوانهم وإضفاء الطابع الرسمي على البربرية الهمجية .. أنا شريد و جائع .. ملايين مثلي يموتون بلا سبب ، و الاف من أرضي يساقون لقتال المنافقين ! ، هل هذه هي اليمن أم شئ آخر .. مسخ يتخلق من رحم النفايات .. كائن مشوه يطل برأسه اللزج من شاشة أفلام الرعب ليجعلك خائفاً في منتصف ليلة الاختطاف .. أنا لا أحارب ولن أحارب و كل هؤلاء القتلة لا يمثلوني .. فأنا شريك في الموت ولا أستطيع اقتناص فرصة للضحك في حضرة السيد ، فتلك وقاحة يعاقب عليها الأبرياء الساذجين أمثالي وأمثالكم .
- لا بأس .. سأتراجع عما قلته و أدعي أن هذه حربي و حربكم ، فهل تسمحون لأطفالي بالتحصن كأطفالكم ، هل تأوون أهلي بجوار أهاليكم ، هل تمنحونني قمحاً أسمراً ولكم الأبيض ، هل لي برغيفكم البائت ولكم الطازج ، هل لي ببقايا سياراتكم ولكم جديدها ، هل ألم شتات تشردي بخيمة مقطعة ومهترئة ولكم أحسنها وأجودها ؟ هل أنا منكم .. واحد من أرضكم تهتمون لدمه وطعامه وكسائه و حقله و رزقه وأيامه .. يرتد الصدى موحشاً .. لا يافتى !.. أنت مجرد بضاعة مسخرة لنا .. أنت تموت ونحن نحيا ، فأجيب .. ألم يخلقني الله كما خلقكم ؟ ، هل أنا من طين وأنتم من لؤلؤ مكنون ! ، هل أنا مواطن مثلكم ؟ .. لا أيها المتحذلق نحن لسنا مواطنين .. نحن البشر الأرقى .. ! ، يا لتعاسة الفلاحين ! .
- أيها الوطنيون .. أقولها بمرارة .. لا يجوز أن يحكمنا الحوثيون .. هذه إحدى فترات التاريخ اليمني كارثية و إنحطاط ، و من غير المعقول أن يتخيل أفضل رأس في هذا الوطن التعيس أن يأتي زمن رديء يصير فيه قاطع طريق من آل سالم في صعدة حاكماً على قادة الجيش ، أو أن يقفز بائع قات من حانوته الصغير ليصبح حاكماً بإسم (الثورية العليا) و مخلوقاً له لسان إله ! لا يجوز إعتراضه أو تغيير مسار قرارته المقدسة .
- الله لا يقتل أحداً ، و أنتم من يقتل و ينزع روح الله .. أنتم أيها الوطنيون من يفعل ذلك و من يأكل بثديي اليمن ، و اليمن بلا طعام .. فمتى يعود العقل من اجازته الطويلة ؟ ، حسبنا الله و نعم الوكيل .
.. والى لقاء يتجدد .

 

 

*** هاشتاق المقال #‏هذه_الحرب_ليست_حربي ***